آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾؛ لأن قلوبهم مع الله واقفة، لا يحبون إلا من أحبَّ، ويُبغضون من أبغض، فليست قلوبُهم مع إرادتهم وشهوتهم، ﴿أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ﴾، فلا يدخله غيرُ مراد الله، ﴿وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ﴾، فلم يتمكن منهم عدو، ﴿وَيُدْخِلُهُمْ﴾ في الآخرة ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ في جواره ﴿خَالِدِينَ فِيهَا ﵃﴾ في الدارَيْن ﴿وَرَضُوا عَنْهُ﴾ فيهما، فهم مطبوعون على الرضا بقدر الله، ليس لهم شهوةٌ غيرُ ما قضى لهم وَقدَّرَ ﴿أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: ٢٢].
فدونك الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان؛ فإن هذه الآيات قد احتوت على الفريقين، فَزِنْ نفسَك بهذا الميزان، واعتبرها بهذا الاعتبار، فإن رأيتها من حزب الله وأوليائه، تؤمن بالله ورسوله صادقة، وتقرب مراده على مرادها، ولا توادُّ مَنْ حاربه وعصاه، ولو كان والدًا أو ولدًا أو أخًا، ولا تحبّ إلا لَهُ، ولا تبغض إلا له، فأنت من حزبه.
وعلامةُ حبه كثرةُ ذكره.
وإن وجدتها قد نسيت ذكرَ الله وأهملته، ووالت من لا يحب الله ورسولَه، وقدمت مالك وولدك وزوجتك وإخوتك وعشيرتك، ومرضاتهم على مرضاة ربك، فإياك إياك.
وقال ﷿: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الصافات: ١٧١ - ١٧٣]
1 / 23