روم
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
ژانرونه
وأدى تقهقر رومة الداخلي إلى نزعات جديدة في الفكر، فدفعت الفوضى والحروب والأوبئة وما تبعها؛ بعض رجال الفكر إلى الابتعاد عن هذا العالم الفاني والتأمل في عالم أزلي ملؤه الخير والجمال، فعكف عدد من رجال الفلسفة على فيثاغورس زاهدين ورعين مستوحين، قائلين بالسحر والعرافة، جاعلين من بعض حلقاتهم انتداءات سحرية، فظهرت فيثاغورية جديدة قال بها فلاسفة في الشرق والغرب معا.
ودعا آخرون إلى أفلاطون ووجدوا في كتابه الطيماوس
Timaeus
قوتا قامت به أنفسهم فانتعشت، فأكدوا قوله بالواحد الأوحد، وقالوا بالثنائية الأفلاطونية، ففرقوا بين النفس والجسد، وجعلوا من خيال أفلاطون في الحياة بعد الموت عقيدة، وتقبلوا نظريته في الوسطاء بين الله والبشر
Daimones ، وأكدوا أن رائد الإنسان إنما هو أن يصير مشابها لله، فظهرت أفلاطونية جديدة كان لها شأن كبير في عالم الفكر حتى أواخر القرن الخامس.
13
وأول من اشتهر بالأفلاطونية الجديدة نومانيوس فيلسوف أبامية بين حماة والمعرة، ولا نعلم الشيء الكثير من أخباره، ويجوز القول: إنه علم في النصف الثاني من القرن الثاني، وأن أفلوطين اعتمد عليه - فيما يظهر - وكتب نومانيوس في «مذاهب أفلاطون السرية» فشرح ما جاء عن النفس في فيدروس وفي الجمهورية، واطلع على حكمة اليهود وتعاليم المسيخ فأولها، ورأى في أفلاطون موسى فدعاه: موسى اليوناني، واعتبره نبيا. ورأى أن الوجود منقسم إلى مملكتين: مملكة العناية ومملكة المادة، وأن المادة أصل الشرور والمفاسد، وأنه ليس يليق أن نعزو صنع العالم إلى الإله الأعلى، وأن الابن هو الصانع الذي نظم الكتلة المادية يتأمل النموذج تارة ويتحول عنه طورا ليحرك الفلك، فيصير حينئذ النفس الكلية.
14
وأشهر المؤسسين في هذا الحقل أفلوطين
، ولد في مصر في ليقوبوليس في السنة 204 بعد الميلاد، وبدأ دروسه الفلسفية في سن متقدمة في الثامنة والعشرين في مدينة الإسكندرية، ولكن ما لقيه في هذه الدروس خيب أمله واعترف بذلك إلى أحد أصدقائه، فقدمه هذا فورا إلى أمونيوس سكاس، فعادت رغبته إليه، وبعد أن قضى إحدى عشرة سنة في معية هذا المعلم علم أن الإمبراطور غورديانوس فتح أبواب هيكل يانوس في رومة ليعلن الحرب على ساسان، فصمم الفيلسوف الطالب على الالتحاق بهذه الحملة العسكرية ليسمع عن فلسفة الفرس والهنود، والتحق بجيش غورديانوس ووصل معه إلى الفرات، ثم تمرد الجند واغتالوا الإمبراطور عند دورة، فعاد أفلوطين إلى أنطاكية (244) وزار أبامية ليطلع عن كثب على فلسفة نومانيوس، ثم قام من أنطاكية إلى رومة وبدأ يعلم فيها، وتميز بسمو أخلاقه ونفاذ بصيرته فصادف نجاحا، وأقبل على الأخذ عنه عدد من أفراد الأسر الممتازة.
ناپیژندل شوی مخ