وَنَظِير هَذَا من الْفِقْه الَّذِي خصهم بِهِ دون النَّاس قصَّة ثَابت بن قيس بن شماس وَقد ذكرهَا أَبُو عمر بن عبد الْبر وَغَيره قَالَ أَبُو عمر أخبرنَا عبد الْوَارِث بن سُفْيَان حَدثنَا قَاسم بن أصبغ حَدثنَا أَبُو الزِّنْبَاع روح بن الْفرج حَدثنَا سعيد بن عفير وَعبد الْعَزِيز بن يحيى الْمدنِي حَدثنَا مَالك بن أنس عَن ابْن شهَاب عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن ثَابت الأنصارى عَن ثَابت ابْن قيس بن شماس أَن رَسُول قَالَ لَهُ يَا ثَابت أما ترضي أَن تعيش حميدا وَتقتل شَهِيدا وَتدْخل الْجنَّة قَالَ مَالك فَقتل ثَابت بن قيس يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا
قَالَ أَبُو عَمْرو روى هِشَام بن عمار عَن صَدَقَة بن خَالِد حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر قَالَ حَدثنِي عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ حَدَّثتنِي ابْنة ثَابت بن قيس بن شماس قَالَت لما نزلت يَا أَيهَا الَّذين آمنو لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي دخل أَبُو هابية وأغلق عَلَيْهِ بَابه فَفَقدهُ رَسُول الله وَأرْسل إِلَيْهِ يسْأَله مَا خَبره قَالَ أَنا رجل شَدِيد الصَّوْت أَخَاف أَن يكون قد حَبط عملى قَالَ لست مِنْهُم بل تعيش بِخَير وَتَمُوت بِخَير قَالَ ثمَّ أنزل الله ﴿إِن الله لَا يحب كل مختال فخور﴾ فأغلق عَلَيْهِ بَابه وطفق يبكي فَفَقدهُ رَسُول الله فَأرْسل إِلَيْهِ فَأخْبرهُ فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أحب الْجمال وَأحب أَن أسود قومى فَقَالَ لست مِنْهُم بل تعيش حميدا وَتقتل شَهِيدا وَتدْخل الْجنَّة قَالَت فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْيَمَامَة خرج مَعَ خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى مُسَيْلمَة فَلَمَّا الْتَقَوْا وأنكشفوا قَالَ ثَابت وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة مَا هَكَذَا كُنَّا نُقَاتِل مَعَ رَسُول الله ثمَّ حفر كل وَاحِد لَهُ حُفْرَة فثبتا وقاتلا حَتَّى قتلا وعَلى ثَابت يَوْمئِذٍ ذرع لَهُ نفيسة فَمر بِهِ رجل من الْمُسلمين فَأَخذهَا فَبَيْنَمَا رجل من الْمُسلمين نَائِم إِذْ أَتَاهُ ثَابت فِي مَنَامه فَقَالَ لَهُ أوصيك بِوَصِيَّة فاياك أَن تَقول هَذَا حلم فتضعيه إِنِّي لما قتلت أمس مربى رجل من الْمُسلمين فَأخذ ذرعى ومنزلة فِي أقصي النَّاس وَعند خبائه فرس يستين فِي طوله وَقد كفا على الدرْع برمة وَفَوق البرمة رجل فأت خَالِدا فمره أَن يبْعَث إِلَى درعى فيأخذها وَإِذا قدمت الْمَدِينَة على الْخَلِيفَة رَسُول الله يَعْنِي أَبَا بكر الصّديق فَقل لَهُ أَن على من الدّين كَذَا وَكَذَا وَفُلَان من رقيقى عَتيق وَفُلَان فَأتي الرجل خَالِدا فَأخْبرهُ فَبعث إِلَى الدرْع فَأتي بهَا وَحدث أَبَا بكر برؤياه فَأجَاز وَصيته قَالَ وَلَا نعلم أحدا أجيزت وَصيته بعد مَوته غير ثَابت بن قيس ﵀ انْتهى مَا ذكره أَبُو عَمْرو
فقد اتّفق خَالِد أَبُو بكر الصّديق وَالصَّحَابَة مَعَه على الْعَمَل بِهَذِهِ الرُّؤْيَا وتنفيذ الْوَصِيَّة بهَا وانتزاع الدرْع مِمَّن هى فِي يَده وَهَذَا مَحْض الْفِقْه
وَإِذا كَانَ أَبُو حنيفَة وَأحمد وَمَالك يقبلُونَ قَول الْمُدَّعِي من الزَّوْجَيْنِ مَا يصلح لَهُ دون الآخر يقرينه صَدَقَة فَهَذَا أولى
1 / 15