روح عظيم المهاتما غاندي

عباس محمود العقاد d. 1383 AH
68

روح عظيم المهاتما غاندي

روح عظيم المهاتما غاندي

ژانرونه

فإذا وقفت الحياة الفردية أمام هذا الإيمان فهذه هي الحيرة أو هذا هو مجال الحسم والإيثار.

وغاندي إذن لا يهمل العلاج بالطب إهمالا للحياة، بل صيانة لكل حياة.

وإذا رجعنا إلى المبدأ لم نجد خلافا بين غاندي وبين المصلحين من جميع النحل والعقائد؛ لأنهم يؤمنون جميعا بصيانة الحياة الإنسانية، ويؤمنون مع ذلك بمبدأ آخر لا اختلاف بينهم عليه، وهو: أن هذه الحياة لا تصان بكل ثمن، وعلى الرغم من كل فريضة توجبها العقيدة أو توجبها الأخلاق.

والفرق بين غاندي وغيره من المصلحين هو اختلاف العقيدة، لا اختلاف الرأي في هذا المبدأ المتفق عليه.

فهناك أشياء تهون فيها الحياة في سبيل هذا المبدأ كلما تعارضت الحياة وسلامة الضمير والوجدان.

ولا معارضة للضمير عند المسلمين والمسيحيين مثلا في تغذية المريض أو الصحيح بلحوم الحيوان، ولكن هذه المعارضة قائمة في عقيدة الهنديين، واحترام هذه العقيدة أمر لا يترخص فيه رجل يقيم دعوته كلها على الإيمان، ويعلم أن الإيمان هو العصمة الوحيدة التي يغلب بها فتنة الحضارة وفتن السياسة والسطوة والثراء.

ولك أن تقول: إنه غير مصيب ولكنك لا تستطيع أن تقول: إن في هذه الحالة لغز غير مفهوم.

ولك أن تقول أيضا : إنه يكلف الناس ما لا يستطاع، ويحملهم على محمل لا يقوى عليه كل إنسان من أتباعه ومريديه.

ولكنك إذا قلت هذا وجب أن تذكر أن غاندي في هذه الخصلة وسائر الدعاة والمصلحين سواء؛ لأنهم جميعا يفرضون ما يجمل اتباعه، ثم لا يتبعه إلا القليل من القادرين عليه، ويبقى الأكثرون وهم يحاولون فيفلحون تارة ويخفقون تارات. •••

ولا تناقض بين اشتغال غاندي بالصحافة واستهجانه لتهافت الناس عليها والاشتغال بأحاديثها وأخبارها، فإنما الصحافة عنده صلة روحية بينه وبين قرائه، وليست للقارئ صلة روحية بصحافة تشغله باللغط والثرثرة وتضيع عليه الوقت في التطلع والمحال.

ناپیژندل شوی مخ