فأجابه أندريا باحتقار: بستيان ماذا؟ - بستيان فقط؛ فإني نشأت في باريس، وولدت بها دون أن أعرف اسم أبي، ولكن نابوليون العظيم قلدني وساما في معركة واغرام، وسماني قائدا في فرقة الحرس.
فقال أندريا: لا بأس في ذلك، فإن بيني وبينك شيئا من التكافؤ، وقد قلت لك إني لم يسعني قبول عذرك، فأنا أسألك ترضية عما فرط منك. - ليكن ما تريد، فقد علمت اسمي، وإني أقيم في شارع سنت كاترين في منزل الكونت أرمان دي كركاز. - حسنا، وسأبعث لك بشهودي بعد غد؛ لأني مقيد اليوم وفي الغد. - إنك تجدني طوع أمرك عندما تشاء.
ثم أخذ من جيبه رقعة زيارة فوضعها على المستوقد وحيا أندريا وذهب، فشيعه إلى خارج الباب.
ولما خلا أندريا بنفسه جعل يضحك ضحك الساخر، وهو يقول بنفسه: إني كنت أجهل أن أخي العزيز عاشق، وقد كنت أظن أنه اكتفى بما لقيه من حبه السابق، إلى أن أعلمني بذلك بستيان، فصح ما قيل: «ويأتيك بالأخبار من لم تزود.» أما الآن فإنه ذهب وهو واثق من أني غير أندريا، وإن العدو الخفي أشد هولا من العدو الظاهر، وسيكون ذلك الأخ العزيز شاهده بلا ريب، فسنتقابل وجها لوجه، وسأعلم كيف أقنعه أني أيرلندي الأصل، حتى إذا تزوجت بهرمين أطلب منه ملايين كرماروت فيدفعها لي بغير صعوبة.
وفيما هو في هذه التأملات إذ وردت عليه رسالة من كولار ففضها، وقرأ بها ما يأتي:
إن الفتاة التي يحبها أرمان دي كركاز تدعى حنة دي بالدر، وهي بارعة في الجمال ومنزلها في شارع مسلي.
فسر بهذا النبأ وقال: سأجتهد بعد أن أقتل بستيان بأن أتخذها خليلة لي.
أما بستيان فإنه خرج من منزل أندريا أصفر الوجه شديد الاضطراب، وذهب إلى أرمان فقص عليه جميع ما كان بينه وبين السير فيليام، فارتاع لذكر أندريا إلى أن تيقن أن السير فيليام شبيه له وليس هو بعينه، فاطمأن ولم يعد يشغله سوى منع هذه المبارزة بإحدى الوسائل لخوفه على بستيان. وبعد أن فرغ بستيان من حكايته قص عليه ما كان بينه وبين حنة، فسر لنجاحه وقال له: اذهب إلى منزلك الجديد واختلق عذرا يمكنك من زيارة حنة، ولا تخرج من عندها إلا حينما تسمع قرعا على باب منزلك، وأكون أنا القارع، فتخرج وتشيعك هي بالطبع إلى الباب حيث أكون أنا هناك. - قد فهمت.
وذهب للحال لينفذ ما عهد إليه، ولم يكد يخرج بستيان من الباب حتى دخل خادم المنزل، وفي يده رسالة، ففضها أرمان وقرأ هذه السطور:
إنه في شهر أكتوبر عام 1800، أي في غضون الحرب الإسبانية، ذهبت فتاة صبية تدعى تريزا مع أمها إلى قرية بجوار فونتنبلو، فأقامتا فيها فصلي الشتاء والربيع، وعندما رجعتا كانت الفتاة حبلى، ولا يعلم هل كانت أرملة أم أنها ارتكبت خطأ، وقد ولدت في آخر الربيع ابنة دعتها هرمين، ثم أقامت عاما كاملا في مارلوت، وسافرت في آخر أكتوبر إلى باريس، فأشيع في مارلوت أنها ذهبت لتتزوج، ويؤكدون أنها تزوجت برجل مستخدم في الوزارة.
ناپیژندل شوی مخ