وسحبت يدها من يده، ولبثت واقفة وقالت: إن أختي باكارا ... - نعم، وهي بارعة في الجمال تكاد تضاهيك في محاسنها. - وقد كتبت لي ... - إني عالم بكل شيء. - إنها في حالة خطرة ... - خطر شديد. - وإنه يجب علي أن ... - نعم، إنها تثق بك جدا، وتتكل عليك، فهلم واجلسي بالقرب مني لنتحدث في هذا الشأن. هل تخافين مني؟ - لا.
وكانت لا تفهم شيئا من حديث بيرابو، وكانت شديدة البعد لسلامة نيتها عن أن تسيء الظن بمثل هذا الشيخ، وأن تعلم حقيقة نياته، وامتثلت لإشارته، وجلست على مقعد بالقرب منه، فقالت له بصوت شجي يلين الجماد: أتوسل إليك أن تنقذ أختي. - هذا لا ريب فيه، وهو غاية ما أسعى إليه، ولكن لنتحدث أولا بشأنك.
ثم أخذ يدها وحاول تقبيلها.
ورجعت إلى الوراء، وجعلت تنظر إليه بريبة وانذهال.
واقترب منها جيدا، وقال لها: تفرسي بي جيدا، ألم تعرفيني؟
فتذكرته سريز للحال، وقالت: نعم، أذكر يوم تبعتني إلى منزلي.
ثم نهضت مسرعة وحاولت أن تهرب، ولكنها افتكرت بأختها وقالت في نفسها: إن هذا الرجل لم يتبعني في ذلك الحين إلا لمحادثتي في شأن أختي. فخف ما عندها ولبثت ساكنة لا تبدي حراكا.
فقال لها بيرابو: يخال لي أني تراءيت لك بمظاهر القسوة، ولا أظن السبب في ذلك إلا تجاوزي سن العشرين، ولكني أوكد لك أنك ستكونين راضية عني، وسأتصرف معك بشرف ونزاهة، أصغي إلي، إني كثير الوجاهة والمال، وستلقين عندي جميع ما تتوقين إليه من السعادة والنعيم، وإني ...
ولم تدعه سريز يتم حديثه، وقد علمت كل شيء حتى خيانة أختها الهائلة، فركضت إلى الباب تريد الفرار، ولكنه كان موصدا. أما بيرابو فإنه تبعها وحاول أن يضمها إليه، فأفلتت منه وصرخت تستغيث وتقول: إلي أدركوني ...
ولم يجبها غير قهقهة بيرابو الذي بعد أن فرغ من ضحكه أعاد الكرة عليها، وأخذها بين يديه وضمها إلى صدره، فهبت لديها قوة من السماء مما أثار فيها من الغضب، وإن الحدة تضاعف القوى، ودفعته دفعة عظيمة فانطرح على الأرض، وأسرعت إلى المنضدة، وتسلحت بالمصباح النحاسي الذي كان عليها. أما بيرابو فإنه بعد أن نهض من سقطته ورآها وبيدها ذلك المصباح تزيد حنقا، أحجم عنها، ثم ثارت به عوامل الغرام، وذكر أنه ليس في المكان غير مدام كوكليت التي أعطاها مبلغا وافرا من المال، فوعدته بالسكوت والتغاضي عنها، فهجم عليها وهي تصيح وتستغيث.
ناپیژندل شوی مخ