389

روکامبول

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

ژانرونه

ذلك أنه رأى على منصة الخشب، رجلا مشوه الخلقة تشويها عجيبا، وقد وشم وجهه بنقوش مختلفة الألوان، بين أزرق وأخضر وأحمر، وفي خديه وسائر وجهه ندوب، بل أخاديد توشك أن تبرز منها العظام، وفي مكان عينيه حفرتان إحداهما عظيمة ذهبت بعينه بجملتها، والثانية أصغر من أختها إلا أنها أبقت على شيء من العين الأخرى، وقد شقت أنفه فعلقت فيه حلقة نحاسية عظيمة، وهو فوق هذه النكبات أبكم لا يتكلم، ولكن الذي يعرضه للفرجة كان يقول إنه يفهم اللغة الإنكليزية.

ومما زاد في منظره غرابة ذلك اللباس الذي كان يلبسه، فقد كان يلبس ثوبا مرقعا جمع بين معظم أصناف الأجواخ والأصواف على اختلاف أصنافها وألوانها، ولبس في رأسه قبعة جعلت بشكل تاج وزينت بريش الطيور وأذنابها، وعلى الجملة إنه كان لا يفرق عن الحيوان إلا بأنه لا ذنب له، ولكن منظره كان يحمل على الإشفاق والذعر معا، فلا يراه المتفرجون حتى يتراجعوا عنه منذعرين، ويخرجوا من ذلك الملعب مستعيذين.

ولما دخل الزائر الجديد جعل يتأمله ساعة، وكلما زاد تفرسا به زاد ذهوله، وبقي يتفرس به والمتوحش منشغل عنه بطعامه إلى أن تفرق الناس من حوله، فنادى صاحبه وقال: لقد سمعتك تقول إنه يفهم اللغة الإنكليزية، أحقيقة ما تقول؟ - نعم يا سيدي، وإذا شئت فامتحنه.

فدنا المتفرج من المتوحش وقال له بالإنكليزية: على أية سفينة عدت إلى أوروبا، أعلى فيلتون أم برسفرانس أم فولر؟

ولما سمع المتوحش اسم السفينة الأخيرة ارتعش، وتزحزح لاضطرابه عن المنصة التي كان جالسا عليها، فعلم المتفرج ما أراد أن يعلمه من هذا السؤال، وخرج إلى الفتاة وقال لها: ما يكون منك هذا الرجل الذي يعرض المتوحش للفرجة؟

فأطرقت عينيها وقالت إنه زوجها.

فعلم المتفرج أنه خليلها فقال لها: أتريدين أن تكسبي مائتي فرنك؟ - لا أحب إلي من هذا الكسب؟ - متى أراك وأين؟ - تراني في هذا الملعب متى أقفلت أبوابه في الساعة الثانية.

فألقى إليها دينارا وذهب.

وفي الساعة الثانية عاد إليها فرآها تنتظره في إحدى غرف الملعب، وهي جالسة على كرسي وبالقرب منها المتوحش نائم على الأرض لا غطاء له سوى ثوبه الرقيق، فسألها: أتعرفين اللغة الإنكليزية؟ - كلا!

فدنا عند ذلك من المتوحش وأيقظه وقال له بالإنكليزية: لا تخف فإني صديق لك، ولا بد أنك تذكر تلميذك القديم روكامبول.

ناپیژندل شوی مخ