316

روکامبول

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

ژانرونه

فركع ليون أمامها وقال: إني لا أحبك حبا بل أعبدك عبادة، وسأكون لك أتبع من ظلك وأطوع من بنانك. - لا ريب عندي في حبك، ولكني أخشى أن تحتقرني لأني من بنات الهوى. - أقسم لك بكل عزيز في الأرض ومقدس في السماء أني أنسى الماضي وأحترمك أجل احترام. - إذن فلنهرب ولندع هذه العاصمة السوداء التي لا يلقي فيها المرء سوى الخجل والذنوب، إلى بلاد نجني فيها ثمرات الحب دون رقيب.

فجن هذا المنكود من فرحه وقال: لنسافر حيث تشائين.

ولكنه ما لبث أن تفوه بهذا القول حتى مرت بخاطره امرأته سريز، وتمثلت له حاملة على ذراعها طفله الصغير وهو يبتسم له ابتسام الملائكة الأطهار، فتنبهت منه عواطف الأب وأجفل وهو يقول: ولدي!

فتراجعت الفيروزة إلى الوراء وقد اصفر وجهها وقالت: أرأيت كيف أنه يجب أن نفترق فراقا أبديا لأن لك امرأة وولدا؟

ثم تركته مسرعة، فبرحت القاعة وأقفلت بابها، فبقي المسكين وحده وهو لا يعلم ما يعمل. ولكنه لم يطل انتظاره حتى فتح الباب ودخل خادم يحمل إليه رسالة، ففتحها وتلا فيها ما يأتي:

وإن لك امرأة وولدا، سوى أنك إذا كنت تحبني كما أحبك، فلا ينبغي أن تحب امرأتك، بل خذ ولدك ولنهرب به، فإني سأحبه كما تحبه أمه، وسأكون له خير أم. فاختر بين أن تدعني أسافر وحدي، فلا تراني إلى الأبد، وبين أن تسافر معي، فإذا شئت السفر، احضر بولدك غدا، بل هذه الليلة إذا أردت، ولا تكتب لي لأني لا أرجع عن هذا العزم.

فلما أتم ليون قراءة الرسالة وضعها في جيبه، وخرج من هذا المنزل الجهنمي بحالة تحمل على الإشفاق.

38

وكانت الرسالة من إملاء أندريا، وذلك أنه كان مقيما في غرفة مجاورة للقاعة يسمع جميع الحديث، ولما غادرت الفيروزة ليون وحده دخلت إلى الغرفة المقيم فيها أندريا، فأمرها أن تكتب الرسالة المتقدمة. ولما ذهب ليون أملى عليها رسالة لفرناند تخبره فيها أنها ستغيب عنه يومين بشأن خاص، ثم قال لها: إنك تجدين في صباح الغد مركبة على باب المنزل، وسائقها من أعواني فاعتمدي عليه، وإذا حضر ليون مع ولده ولا بد له أن يحضر، اركبي معه هذه المركبة ودعي السائق يسير حيث يشاء، وإذا سألك ليون أين تذهبين فقولي سوف تعرف متى بلغنا المحطة الأولى، وهناك يخبرك السائق بما يجب أن تفعليه. - سأمتثل لجميع ما تريد دون أن أعلم شيئا من هذه الأسرار التي تحيط بي، فإني أغوي فرناند لابتزاز أمواله، وأغوي هذا العامل المسكين لأنك تريد أن أغويه، ولكن ما عسى أن يكون بعد فراره من امرأته؟ وما عساي أصنع بهذا الطفل؟ - أما المرأة فإنها تدبر نفسها كما تشاء، وأما الطفل فإني سأضعه في أحد ملاجئ اللقطاء.

ووجمت الفيروزة، وهي لا تعلم ما الذي يدعوه إلى هذا الانتقام، أما أندريا فإنه ذهب من عندها إلى الكونت مايلي حفيد الدوق الذي عاهده على إغواء هرمين زوجة فرناند، فوجده نادما على ما فعل، وقد سرت إليه روح شريفة أرجعته عما كان عازما عليه من الإغواء السافل. ورجع أندريا من عنده وهو موجس شرا من نقض الكونت لعهده وإفلات هرمين من انتقامه، وقد تشاءم بهذا النقض وعده دليلا على بدء حبوط أمانيه.

ناپیژندل شوی مخ