283

روکامبول

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

ژانرونه

فحاول فرناند الاعتراض، ولكنها أسكتته بما اتخذته من مظاهر الحب، وقالت: هذا هو شرطي الذي وعدت أن تقبله مني كيف كان؛ فاعلم الآن أنك مخير بين الرفض والقبول، وأني لا أرجع عن هذا الغرام.

فأطرق فرناند إطراق المتأمل، وجعل ينكث الأرض بعصاه فقالت: على ماذا عولت؟ - لا يسعني إلا الامتثال لما تريدين. - أتخضع لي في كل ما أريد؟ - أجل. - إذن قم الآن واذهب إلى زوجتك، فإنك لم ترها منذ يومين، ولا تعد إلي إلا في صباح الغد.

فحاول فرناند أن يعترض، ولكنها ضربت بيديها مغضبة على منضدة، وقالت: لقد وعدتني ألا تخالفني فيما أريد.

فامتثل فرناند وخرج مطأطئ الرأس، والحب ملء فؤاده، فوقفت ترمقه من النافذة حتى إذا رأته يسير في الشارع سير المخبول قهقهت ضاحكة، وقالت: لقد بلغت من قلبه ما رجوت، وسأبلغ من ماله ما أريد، فما أجهل الرجال!

ثم غيرت ملابسها فتزيت بزي العاملات وانصرفت إلى غرفتها الحقيرة لتمثل دورها الثاني مع ليون رولاند.

وكان ليون قد فتن بها حتى لم يعد يطيق صبرا على فراقها، وقد أرسل أباها إلى المستشفى كي يخلو له الجو معها، وهو يعتقد أنها عاملة وأن ذلك الأعمى أبوها، وكانت الفيروزة قد مدت له حبل هواها، حتى حسب أنها باتت رهن حبه وطوع إشارته، فلما رأى أندريا أن خدعته قد نجحت وأن الهوى قد برح بذلك العامل المسكين، أمر الفيروزة أن تقاطعه وتهرب منه على ما علمها. فذهبت إلى غرفتها وكتبت إليه كتابا تخبره فيها أنها لم تعد تحتمل الإقامة معه لأن شكوى زوجته قد بلغت إلى قلبها، فهي تودعه وداعا أبديا، وتبرح تلك الغرفة إلى غيرها في شارع لا تسميه، حذرا من أن يتبعها.

فلما انتهت من الكتاب نادت البوابة، وكانت مدام فيبار التي عرفها القراء في القسم الأول من هذه الرواية، فأعطتها الكتاب وقالت لها أن تعطيه لليون حين حضوره، ثم أخبرتها أن تقول له إنها رأتها في مركبة بديعة مع شاب عليه مظاهر النعمة، وانصرفت عائدة إلى منزلها كي تهتم بأمر فرناند تاركة أمر النظر في إتمام مسألة ليون لرئيسها السير فيليام.

23

بينما كانت الفيروزة تبرح غرفتها الصغيرة وهي بملابس العاملات إلى منزلها في شارع مونسي، كانت باكارا تطرق باب ذلك المنزل، أي منزلها القديم، ففتح لها الخادم وسألها: ماذا تريدين؟ - أريد أن أرى سيدتك. - إنها لم تعد بعد.

فدخلت باكارا بعظمة وهي تقول: لا بأس، فاذهب بي إلى قاعة الاستقبال لأني أريد أن أنتظرها فيها.

ناپیژندل شوی مخ