146

روکامبول

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

ژانرونه

لكنها لم تكن تحترمه، بل تعده ضعيفا بسيطا، وتمني نفسها باستعباده بعد القران.

أما وقد بسطنا أخلاقها واعتمادها على نفسها وتعودها السلطة على ابن عمها، فلا بد أن يدرك القارئ عجبها حين لقيت من ابن عمها ذلك الجفاء وتلك المقاومة في حادثة الصيد، فإنها كانت تحسبه عبدا لها، وقد رأت فجأة أن هذا العبد قد تمرد وخلع عن عاتقه نير العبودية.

فغضبت غضبا شديدا، خلافا لرفيقيها الفارسين فإنهما تلقيا هذه الحادثة بملء الارتياح.

وكان أذكى الفارسين ميشيل دي فالون، فلما أطلقت أورور العنان لجوادها تبعها الفارسان فلم يستطيعا اللحاق بها، فالتفت الشفالييه إلى رفيقه وقال له: أرى أيها الصديق أن مدموازيل أورور لا بد لها أن تقف، وإن من الحذق ألا يحذو جوادانا حذو جوادها في الركض فقد أعياهما التعب. - لقد أصبت، فإن جوادي سيسقط صريعا. - إذن لنغتنم فرصة اختلائنا فنسير الهويناء ونتحدث. - بماذا تريد أن نتحدث، وأية فرصة نغتنم؟ - نتكلم بجلاء أيها الصديق. - هذا جل ما أبتغيه. - إنك تعشق الكونتس؟ - بل إني مفتون بها. - وأنا كذلك أيها الصديق، فإن غرامي لا يقل عن غرامك.

فنظر البارون إلى الشفالييه نظرة منكرة، غير أن الشفالييه لم يعبأ به وقال له: أرجو ألا تدفعك الغيرة إلى الحقد علي، فإن اتفاقنا ميسور إذا شئت. - أصغ إلي، فإنه لو خطر لنا منذ ساعة أن نبسط حبنا للكونتس لما كان حظنا غير الجفاء والاعتراض. - أتظن ذلك؟ - بل أؤكده. - والآن؟ - أصغ إلي كل الإصغاء، فإني وإياك فقيران بالقياس إلى الكونتس، ولو جمعت ثروتي وثروتك لما بلغت ربع ثروتها. - لا أنكر ما تقول، ولكن ماذا تريد بهذا القول؟ - أريد أننا نستطيع الآن التفريق بين لوسيان وابنة عمه إلى الأبد ونغتنم فرصة هذا التفريق. - إن هذا قد يكون، ولكن الكونتس لا يمكن أن تكون زوجة الاثنين. - هو ذاك، فإني توقعت ما تقول، ولكن لنتفق الآن على إلقاء النفرة بين الخطيبين. - وبعد ذلك؟ - وبعد ذلك يعمل كل لنفسه. - لقد أصبت ولكن ... - ولكن ماذا؟ - كيف نستطيع الوصول إلى هذه الغاية؟ - إن لوسيان يعشق ... - إنه يعشق ابنة عمه. - كلا.

فاضطرب البارون فوق سرج فرسه وقال: من يعشق إذا كان لا يعشق ابنة عمه؟ - ألم تذهب مرة إلى نواحي الدير؟ - بل ذهبت ألف مرة. - إذن لقد عرفت داغوبير. - بلا ريب، فإني أشتري من محله نعال جيادي. - ألم يتفق أنك رأيت مرة في محله فتاة جميلة، يقولون إنها قريبة داغوبير؟ - نعم، وهي بارعة الجمال. - إذن فاعلم أن لوسيان مفتون بها.

فضحك البارون وقال: لعلك تمزح أيها الصديق؟ - كلا، بل أقول الحق. - وهل تجهل ابنة عمه هذا الغرام ؟ - كل الجهل، فإذا شئت أخبرناها بأمره منذ الليلة، فإني أعرف أخلاق الكونتس فهي شديدة الكبرياء، فإذا علمت أن ابن عمها يهوى فتاة قروية ويؤثرها عليها، نفرت منه كل النفور وكان بينهما فراق الأبد. - ولكن مهما بلغت النفرة بينهما فإن أهلهما يوفقون بينهما؛ لأنهم راغبون في هذا الزواج. - إنك مخطئ في هذا الظن؛ لأنك لا تعلم من أخلاق الكونتس ما أعلم، فإنها إذا رغبت أمرا لا يثنيها عنه شيء.

فتنهد البارون وقال: حقق الله هذا الرجاء.

وعند بلوغهما من الحديث إلى هذا الحد، وصلا بجواديهما إلى مكان كثير الأدغال فرأيا الكونتس واقفة في انتظارهما.

فلما رأتهما ابتسمت وقالت لهما بلهجة المتهكم: لا بد لكما أن تحكما أن فرسي أسرع من فرسيكما.

ناپیژندل شوی مخ