وكان الأيل المنكود قد انتهكت قواه وأوشكت الكلاب أن تظفر به، فكانت تنهشه كلما أدركته نهش الحيوان المفترس، وكان يدافع عن نفسه بقرنيه العظيمين دفاع المستبسل المستميت إلى أن يجد مخرجا من أنيابها فيفر وتعود إلى مطاردته.
وكانت مدموازيل أورور؛ أي ابنة عم لوسيان تنهب الأرض بجوادها في أثر الأيل وهي تدنو منه من حين إلى حين.
وكان الأيل قد دنا من المستنقعات، فلما وصل إليها والصيادون في أثره علم بالسليقة أنها ستكون سبب هلاكه، فعاد عنها ودخل بين الكلاب والصيادين بسرعة البرق، وانطلق بين الأدغال.
وقد راعهم هذا الانقلاب الفجائي، فعادوا إلى مطاردته بين الأدغال والفتاة أشدهم تحمسا، ولكنه كان أسرع عدوا من الجياد.
وكان أدلاء الصيد والكلاب يتقدمون الصيادين، فلم تمض هنيهة حتى سمعوا نفخ البوق يشير إلى أنهم رأوه، فانطلقت الجياد إلى جهة مصدر الصوت.
وما مر بضع دقائق حتى سكت البوق فجأة، وانقطع نباح الكلاب، وسمعوا أصوات بشر يتشاتمون.
فلما وصلت مدموازيل أورور ورفاقها إلى تلك الجهة الصادرة منها الأصوات رأت ما لم يكن يخطر لها في بال، وهو أن الأيل كان جريحا وقد سقط على الأرض فاحتاطت به الكلاب كالنطاق، وهناك نحو عشرة من الفلاحين يتهددون ويتوعدون بمناجلهم وفئوسهم، ودليل الصيد واقف لا يجسر على الدنو منهم.
ذلك أنه حدث أمر يعد في هذه الأيام بسيطا مألوفا لا مأخذ فيه، ولكنه في ذلك العهد - عهد الاستبداد وسلطة النبلاء - كان يعد من الجرائم الفظيعة النادرة.
وهو أن الأيل انطلق في الغابة بين الأدغال ودخل إلى حقل مزروع، فأسرع أحد الفلاحين ورمى ساق الأيل بمنجله إشفاقا على زرعه، فأصابه بجرح خطير وسقط على الأرض.
فلما رأى الفلاحون ما كان من رفيقهم أكبروا عمله؛ إذ كان جرأة نادرة في ذلك العهد، وأيقنوا أن الصيادين النبلاء سينتقمون منه شر انتقام، فبادروا لنجدته.
ناپیژندل شوی مخ