فذهب روكامبول ودخل أندريا إلى غرفة حنة التي تركناها قد سقطت على المقعد عندما أنبئت بقدوم أرمان، ولما رأت أندريا داخلا إليها وهي تنتظر أرمان، صاحت صيحة شديدة ورجعت إلى الوراء.
وكان يتوقع مثل ذلك، فدعا بسريز وبجميع الخدم، فساعدوه على إقناع الفتاة أنه هو نفس الكونت أرمان دي كركاز، وأن الذي كانت تحبه باسم أرمان لم يكن إلا خادمه.
ثم تركها على أمل العودة إليها بعد أسبوع للاقتران بها، فلبثت حنة حائرة ساهية وخيال أرمان ممثل أمام عينيها.
أما أندريا فإنه كان يعلم أن لكولار خليلة في لوندرة، فكتب إليها بتوقيع كولار هذه الرسالة:
حبيبتي إملي
إني سأعود إليك بعد ثلاثة أيام من غير بد، فقد توفقت بالحصول على مال كثير نقدر أن نعيش به سعيدين، إن لدي الآن ثلاثين ألف فرنك، وإليك بيان السبب في كسب هذا المال، إنه من أغرب المضحكات؛ ذلك أني كنت أطوف يوما بشارع سانت لويس، ولما قربت من وزارة الخارجية دعتني فتاة كانت تسير مع أمها، دفعت إلي رسالة كي أوصلها إلى صاحبها وقد نقدتني أجرتي، وقرأت على الغلاف هذا العنوان «فرناند روشي - في وزراة الخارجية»، ففضضت الرسالة وقرأتها، وعلمت أنها من خطيبته التي تدعى هرمين تخبره فيها أنها فسخت عقد الخطبة، وسرت بالرسالة وأنا أضحك حتى بلغت الوزارة، وسألت عن فرناند فأدخلوني إليه، وكان وحده في غرفة متسعة، وأمامه صندوق نقود مفتوح، رأيت فيه محفظة فيها كثير من القراطيس المالية، فحدثتني نفسي بسرقتها، وبعد أن أعطيته الرسالة وتلاها نظرت إليه وإذا بوجهه قد أقتم بظلام اليأس، وخرج من تلك الغرفة وهو يعدو كالمجانين دون أن ينظر إلي، فأسرعت إلى المحفظة، وأخذت ما فيها من المال، ووضعتها في جيب سترته ثم خرجت أترقبه، ورأيته بعد حين خارجا من الوزارة، وهو يحمل في سترته تلك المحفظة دون أن يعلم أنه سيكون له مع الوزارة شأن.
وقد ظهر للقراء من هذه الرسالة، اعتراف كولار بأنه هو الجاني، وأن فرناند بريء، وقد قلد فيها أندريا خط كولار تقليدا رائعا لا يختلف عن الحقيقة.
وبعد أن أتم كتابتها قدم إليه روكامبول وأخبره بقدوم مدام فيبار، ثم سار وإياه إلى الفندق، وأخرجا جثة كولار من القبو، ووضعاها في الغرفة التي قتل فيها، وأخذ أندريا تلك الرسالة التي كتبها، ووضعها بجيب كولار وقال لروكامبول: اذهب الآن إلى مدام فيبار، وقل لها أن تسرع إلى دائرة الشرطة، وتخبر الرئيس بما كان من قتل كولار، وأن القاتل هو نيكولو، وأن ذينك اللصين كانا يأتيان بكثرة إلى فندقها، وأنها سمعت كولار يقول في تلك الليلة التي قتل فيها لرفيقه أنه سيسافر قريبا إلى لوندرة، وأنها سمعت بعد ذلك دوي الغدارة، فصعدت معك إلى الغرفة ورأيتما كولار ميتا، وأنذركما هؤلاء بالقتل إذا بحتما.
فذهب روكامبول مسرعا.
وعند الصباح ذهبت مدام فيبار إلى رئيس الشرطة، وأخبرته بكل ما ألقاه إليها روكامبول، فقبض على نيكولو، وذهب رئيس الشرطة إلى الفندق، ونظر جثة كولار، وفحص جيوبه، ورأى بها ذلك الكتاب الذي كتبه أندريا، فلما اطلع عليه سر سرورا مزيدا لبراءة فرناند التي لم يعد فيها ريب بعد تلك الرسالة، فأمر بدفن الجثة، وعاد إلى السجن وأطلق سراح فرناند، الذي ذهب توا إلى منزل الكونت أرمان، فوجد به ليون وباكارا وأرمان الذي كان قلق البال على بستيان؛ لأنه لم يكتب له منذ خمسة أيام، فقص عليهم كيف كان إنقاذه، وكيف أن رئيس الشرطة اطلع على كتاب في جيب كولار القتيل يعترف به أنه هو السارق، فثبت لأرمان أن كل ذلك صنع أندريا، وأنه لم ينقذ فرناند إلا إرضاء لهرمين!
ناپیژندل شوی مخ