فالمعرفة رءوس أموالهم، والحركات تجاراتهم، ومرضاة الله ﷿ أرباحهم، قال الله ﷿: (والله يعلم متقلبكم ومثواكم)، تقلبوا في مرضاته، وثووا في جناته، تحت عرشه في جواره، فأكرم الله تعالى هذا المؤمن بمعرفته، فأحرزه في
ذمته، وحرم عرضه ودمه وماله، وعظم حرمته، فأعلمهم بالله أعظمهم حرمة، وأقربهم وسيلة، وأكرمهم عليه، فمثل العلم به كمثل رجل نظر إلى شخص رجل، حتى عرفه بالوجه، فهو ساكن القلب، حتى إذا عرفه بخصلة من خصال الشرف، فوجد قلبه قد تغير له إلى التعظيم والإجلال، فإن كان قد جمعت هذه الخصال في رجل واحد، مما وصف الله ﷿ بها نفسه، من الجود والغنى، والرأفة والرحمة، والسماحة والكرم، والمعرفة بالأمور، والقوة والتدبير، ومحاسن الأخلاق، عظم شأن الرجل عندك، حتى تهتم في ذكره وأوصافه، فمن كشف له الغطاء حتى عرف ربه ﷿ بأسمائه الحسنى، وبأمثاله العلا، كان أسبى لقلبه، والهج لذكره.
وابن آدم مطبوع على سبعة، وهي الغفلة، والشك، والشرك، والرغبة، والرهبة، والشهوة، والغضب، فهذه سبعة أخلاق، فإذا جاءه نور الهداية حتى عرف ربه ﷿ ووحده، ذهبت الغفلة، وذهب الشك والشرك؛ فهو يعلم ربه يقينًا، وينفى عنه الشرك، وزوال الشك عنه، ثم لما جاءت الشهوة، فأظلم الصدر بدخانها وفورانها، ذهب بضوء علمه واستنارته، وتحير في أمر ربه ﷿ كالشاك، وظهر شرك الأسباب، فكلما أزداد العبد معرفة وعلمًا بربه ﷿، استنار قلبه وصدره، وانتقص من الغفلة،
1 / 73