البضعة الباطنة، ومنه يقال: هذا خبز فئيد، وخبز ملة، لأنها خبزة قد ظاهرها أخرى؛ وجعل له على هذا الفؤاد عينين وأذنين، وبابًا في الصدر، وصير القلب بيتًا له عينان وأذنان، وبابًا في الصدر؛ وجعل الصدر ساحة هذا البيت؛ وجعل إلى جانبه بضعة أخرى سماها كبدا، وجعلها مجمع عروق هذا الجسد كله، ومنه ينقسم ما يخرج من المعدة من قوة الطعام الذي طحنته المعدة، حتى صار دما طريًا، فجرى في جميع العروق؛ وألصق بأسفله بضعة أخرى، فسماها طحالًا، وإلى جانب الأخرى سماها رئة، ومسكن النفس فيها، ومنها تتنفس النفس لحياتها التي فيها، فتخرج الأنفاس إلى الفم وبالمنخرين؛ ثم وضع بين القلب والرئة وعاء رقيقًا، فيه ريح هفافة، تجري في العروق مجرى الدم، وأصل تلك الريح من باب النار، مخلوقة من نار جهنم، لم يصل إليها سلطان الله وغضبه، فتسود كما اسودت جهنم، بل هي نار مضيئة حفت النار بها؛ موضوع في هذه النار الفرح والزينة، وسماها شهوة؛ وإنما سميت شهوة لاهتشاش النفس إليها، يقال، أهتشت واشتهت؛ الاهتشاش في الظاهر، والاشتهاء في الباطن، وكلاهما في الحروف عددها سواء، إلا أنه قدم الهاء هاهنا وأخر هناك، ليكون فرقًا بين النوعين. فالنفس إذا هبت تلك الريح من ذلك الوعاء لعارض ذكر شيء، أحست النفس بذلك، فالتهبت نار
الحرارة بتلك الريح، والنفس مسكنها في الرئة، ثم هي منفشة في جميع الجسد، والروح مسكنه في الرأس إلى أصل الأذنين، ومعقلها في الوتين، وهي منفشة في جميع الجسد، والروح فيه حياة، والنفس فيها حياة، فهما يعملان في جميع الجسد لحياتهما،
1 / 31