رياض الصالحين
رياض الصالحين
ایډیټر
ماهر ياسين الفحل
خپرندوی
دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۲۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
دمشق وبيروت
ژانرونه
معاصر
بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَنْتَ؟ قَالَ: «أَنَا نَبيٌّ» قُلْتُ: وَمَا نَبِيٌّ؟ قَالَ: «أَرْسَلَنِي اللهُ» قُلْتُ: وَبِأَيِّ شَيْء أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: «أَرْسَلَنِي بِصِلَةِ الأَرْحَامِ، وَكَسْرِ الأَوْثَانِ، وَأَنْ يُوَحَّدَ اللهُ لاَ يُشْرَكُ بِهِ شَيْءٌ»، قُلْتُ: فَمَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: «حُرٌّ وَعَبْدٌ»، ومعه يَوْمَئذٍ أَبُو بكرٍ وبلالٌ ﵄، قُلْتُ: إِنّي مُتَّبِعُكَ، قَالَ: «إنَّكَ لَنْ تَسْتَطيعَ ذلِكَ يَومَكَ هَذَا، أَلاَ تَرَى حَالي وحالَ النَّاسِ؟ وَلَكِنِ ارْجعْ إِلَى أَهْلِكَ، فَإِذَا سَمِعْتَ بِي قَدْ ظَهرْتُ فَأْتِنِي». قَالَ: فَذَهَبْتُ إِلَى أَهْلِي، وقَدِمَ رَسُول الله ﷺ المَدِينَةَ حَتَّى قَدِمَ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِي المَدِينَةَ، فقُلتُ: مَا فَعَلَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي قَدِمَ المَدِينَةَ؟ فقالوا: النَّاسُ إِلَيهِ سِرَاعٌ، وَقَدْ أَرادَ قَومُهُ قَتْلَهُ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا ذلِكَ، فقَدِمْتُ المدينَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَيهِ، فقُلتُ: يَا رَسُول الله أَتَعْرِفُني؟ قَالَ: «نَعَمْ، أَنْتَ الَّذِي لَقَيْتَنِي بمكَّةَ» قَالَ: فقلتُ: يَا رَسُول الله، أَخْبِرنِي عَمَّا عَلَّمَكَ اللهُ وأَجْهَلُهُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الصَّلاَةِ؟ قَالَ: «صَلِّ صَلاَةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ اقْصُرْ عَنِ الصَّلاَةِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحٍ، فَإنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيطَان، وَحينَئذٍ يَسجُدُ لَهَا الكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فَإِنَّ الصَلاَةَ مَشْهُودَةٌ (١) مَحْضُورةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بالرُّمْحِ، ثُمَّ اقْصُرْ عَنِ الصَّلاةِ، فَإنَّهُ حينئذ تُسْجَرُ (٢) جَهَنَّمُ، فإذَا أَقْبَلَ الفَيْءُ فَصَلِّ، فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّي العصرَ، ثُمَّ اقْصرْ عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فإِنَّهَا تَغْرُبُ بينَ قَرْنَيْ شَيطانٍ، وَحِينَئذٍ يَسْجُدُ لَهَا الكُفّارُ» قَالَ: فقلتُ: يَا نَبيَّ الله، فالوضوءُ حدثني عَنْهُ؟ فَقَالَ: «مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُقَرِّبُ وَضُوءهُ، فَيَتَمَضْمَضُ وَيسْتَنْشِقُ فَيَسْتَنْثِرُ، إلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ المَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيهِ إِلَى المِرفَقَيْن، إِلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الماءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ، إِلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ مَعَ الماءِ، ثُمَّ يغسل قدميه إِلَى الكَعْبَيْنِ، إلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا رِجلَيْهِ مِنْ أَنَاملِهِ مَعَ الماءِ، فَإنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى، فَحَمِدَ اللهَ تَعَالَى، وأَثنى عَلَيهِ ومَجَّدَهُ بالَّذي هُوَ لَهُ أَهْلٌ، وَفَرَّغَ قلبه للهِ تَعَالَى، إلاَّ انْصَرفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كهيئته يَومَ وَلَدتهُ أُمُّهُ».
فحدث عَمرُو بن عَبسَة بهذا الحديث أَبَا أُمَامَة صاحِب رَسُول الله ﷺ فَقَالَ لَهُ أَبُو أُمَامَة: يَا عَمْرُو بنُ عَبسَة، انْظُر مَا تقولُ! في مقامٍ واحدٍ يُعْطَى هَذَا الرَّجُلُ؟ فَقَالَ عَمْرٌو: يَا أَبَا أُمَامَة، لقد كَبرَتْ سِنّي، وَرَقَّ عَظمِي، وَاقْتَرَبَ أَجَلِي، وَمَا بِي حَاجَةٌ أَنْ
(١) أي تشهدها الملائكة. النهاية ٢/ ٥١٣.
(٢) قال النووي في شرح صحيح مسلم ٣/ ٣٠٢ (٨٣٢): «معناه: توقد عليها إيقادًا بليغًا».
1 / 155