قال: حدّثني شيخ يكنّى بأبي مسعود قال: بعث زبّان (١٦) بن عبد العزيز بن مروان رسولا إلى سعد بن مسعود فوجده في مجلسه في «جامع الفسطاط» مع أصحابه، فقال له: «الأمير يقرأ عليك السلام، ويقول لك: إن رأيت أن تؤنسنا بنفسك العشية، فافعل» فقال للرسول: «اقرأ على الأمير السلام، وقل له ليس لي إليك حاجة فآتي لها، فإن تك لك حاجة فات لها» فأتاه الرسول فأخبره فقصد إليه زبّان (١٦) حتى لقيه وسلم عليه، وقال: «يغفر الله لك يا أبا مسعود! أتاك رسولنا، فكان من إغلاظك له ما كان».فقال له: «أصلح الله الأمير؛ دعوتني إلى ما يشينني ودعوتك إلى ما يزينك»، فقال له: «فكيف ذلك؟» فقال له-أصلح الله الأمير-: «إنه من رآك ماشيا إلي مدحك، وقال: ذاك طالب علم وخير. ومن رآني ماشيا إليك رآني طالب حطام وعرض (١٧) من أعراض الدنيا، فشانني».فقال له زبّان (١٦):
«سليت (١٨) والله ما كان بقلبي ونورته، نور الله قلبك وعلمك».
وعن (١٩) فرات بن محمد العبدي أن سعدا بن مسعود صاح يوم الجمعة (٢٠) على [أمير] (٢١) إفريقية في مظلمة، وقد خرج الأمير من الجامع: «إنّي بالله لا بك؛ أنا بالله لا بك!» فقضى الأمير حاجته.
عن سعد أنه كان يقول (٢٢): «إذا أتاك الشيطان من قبل الصمت فقال لك:
إن الناس يعدون ذلك عيا منك. فاته أنت من قبل السلامة، فقل له: صامت سالم خير من ناطق آثم».
قال سعد بن مسعود (٢٣): «إذا رأيتم العبد دنياه تزداد وآخرته تنقص (٢٤)، مقيما على