ولم يذكر في الحديث تخليل اللحية، وللعلماء في وجوبه قولان، وقد روي تخليلها من حديث أنس، عن النبي ﷺ، ذكره الطبري (١).
وظاهر قوله: «ثم تمضمض» يقتضي الترتيب بين غسل الوجه والمضمضة، فيؤخذ منه الترتيب بين المسنون والمفروض (٢)،.
وقد اختلف أصحابنا في الترتيب في الوضوء على ثلاثة أقوال: الوجوب، والندب، والاستحباب، والمشهور من المذهب أنه سنة.
ولم يختلف قول الشافعي في وجوبه، وإن كان بين الشافعية خلاف.
ق: وقد قيل في حكمة تقديم المضمضة والاستنشاق على غسل الوجه المفروض: أن صفات الماء ثلاث؛ أعني: المعتبرة في التطهير: لون يدرك بالبصر، وطعم يدرك بالذوق، وريح يدرك بالشم، فقدمت هاتان السنتان؛ ليعتبر حال الماء قبل أداء الفرض به.
قال: وبعض الفقهاء رأى الترتيب بين المفروضات، ولم يره بين
(١) رواه ابن جرير الطبري في «تفسيره» (٦/ ١٢٠). وكذا رواه محمد بن يحيى الذهلي في كتابه «علل حديث الزهري»، كما ذكر ابن دقيق العيد في كتابه: «الإمام» (١/ ٤٨٦)، و«شرح الإلمام» (٤/ ٢٢١).
قال ابن دقيق ﵀ في «شرح الإلمام» (٤/ ٢١٩): تخليل اللحية مروي عن النبي ﷺ من حديث جماعة من الصحابة، ذكرت ما بلغني من ذلك في كتاب: «الإمام في معرفة أحاديث الأحكام»، وأمثلها حديثان. ثم ذكر حديث عثمان ﵁ الذي رواه الترمذي وغيره، وحديث أنس ﵁.
(٢) في (ق): "بين المفروض والمسنون.