غير أن هناك ثلاثة أشياء لا بد من ذكرها ما دمنا نتحدث عن علاقة الدين بالأخلاق:
أولا:
أن الديانات مختلفة التعاليم.
ثانيا:
أن أرباب المذهب الواحد أو الدين الواحد قد يختلفون على النقطة الواحدة، فيتشعبون فرقا ويتبعثرون شيعا.
ثالثا:
أنه في ظلال دين واحد لا يتغير، تجيء نظم وتتلاشى نظم وتظهر مذاهب وتختفي، وتتجدد عادات وتتوارى تقاليد، ففي ظلال المسيحية كانت المبارزة مشروعة وكان الرقيق محللا.
ولما كنا في عصر العلم فقد جاء العلماء، وقالوا لنا: لماذا تتعبون أنفسكم؟ إن الطبيعة هي التي تقرر الصالح بغير انتظار لحكمكم.
فلما جاء «دارون» وقال ببقاء الأصلح ظن أنه حل مشكلة الدنيا، بمعنى أن ما تصنعه الطبيعة هو الطيب الوحيد، ولكنه اتضح «أولا» أن الأصلح في عرف «دارون» ليس هو الأصلح بالمعنى المجرد لهذه الكلمة، بل «الأصلح للبقاء»، ثم اتضح أنه يعني بالأصلح الأقوى، فهو قد سن شريعة القتال لتصفية الموقف وتحديد الأصلح، وهو في ناحية أخرى بنى هذه الصلاحية على التعاون كمثل أعلى للحصول على ما هو أصلح.
ولكن مذهب «دارون» انهار فلسفيا حين اتضح أن التنافس في ناحية يقابله الكفاح في أخرى، فكأننا لم نصل إلى شيء، وبعبارة أخرى: أن التعاون المحمود ما هو إلا كفاح ضد الكفاح، أو هو ضرب من التكتل ضد العدوان .
ناپیژندل شوی مخ