وكان النبي ﷺ لا يواجه أحدا بما يكرهه بل يقول: " وما بال أقوام يقولون كذا ويفعلون كذا ".
الثاني: قوله ﴿قَوْمٌ مُنْكَرُونَ﴾ فحذف فاعل الإنكار وهو الذي كان أنكرهم كما قال في موضع آخر (نكرهم) ولا ريب أن قوله (منكرون) ألطف من أن يقول أنكرتكم.
وقوله ﴿فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ﴾ متضمن وجوها من المدح وآداب الضيافة وإكرام الضيف. منها قوله: ﴿فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ﴾ والروغان الذهاب بسرعة واختفاء وهو يتضمن المبادرة إلى إكرام الضيف، والاختفاء يتضمن ترك تخجيله وألا يعرض للحياء، وهذا بخلاف من يتثاقل ويتبارد على ضيفه ثم يبرز بمرأى منه ويحل صرة النفقة ويزن ما يأخذ، ويتناول الإناء بمرأى منه ونحو ذلك مما يتضمن تخجيل الضيف وحياءه فلفظة (راغ) تنفي هذين الأمرين. وفي قوله تعالى: ﴿إِلَى أَهْلِهِ﴾ مدح آخر لما فيه من الإشعار أن كرامة الضيف معدة حاصلة عند أهله، وأنه لا يحتاج أن يستقرض من جيرانه، ولا يذهب إلى غير أهله إذ قرى الضيف حاصل عندهم.
وقوله: ﴿فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ يتضمن ثلاثة أنواع من المدح:
أحدها: خدمة ضيفه بنفسه فإنه لم يرسل به وإنما جاء به بنفسه.
الثاني: انه جاءهم بحيوان تام لم ياتهم ببعضه. ليتخيروا من أطيب لحمه ما شاءوا.
1 / 67