ولأمير المؤمنين - عليه السلام - به فضيلة من جهة (1) أخرى:
وهي رفع الشبهة عمن لا بصيرة له بحق النبي صلى الله عليه وآله - ومنزلته من الله في غلطه، وإقدامه على قتل من هو برئ محقون الدم عند الله، ليبين له مراده في الاشتراط، ويعلمه أنه - وإن أطلق الأمر - فإنما قصد به ما ظهر فيه بالبيان. ولو كان النبي - صلى الله عليه وآله - اشترط في الكلام ما كان فيه في الجواب لم (2) يبن لأمير المؤمنين - عليه السلام - الفضل الذي أبانه (3) الاشتراط والاستفهام.
ولو ترك أمير المؤمنين - عليه السلام - الاشتراط والاستفهام وعمل على علم بالباطن وكف عن قتل القبطي لمشاهدته الحال، لم يبن (4) من فضل رسول الله - صلى الله عليه وآله - للكافة ما أبانه الاستفهام، ولظن كثير من الناس أنه - عليه السلام - أخطأ في الأمر المطلق بقتل الرجل، وإن عليا أصاب في خلافه الظاهر بشاهد الحال، وكان في إطلاق النبي صلى الله عليه وآله - الأمر لعلي - عليه السلام -، واستفهام أمير المؤمنين - عليه السلام - له عن المراد وكشفه لذلك ما استنبطه من الكلام، من الفوائد في فضلهما وعصمتهما ونطقهما عن الله - عز وجل - ما بيناه عنه (5) وأوضحناه، ولم يبق لمخالف الحق طريق معه إلى إثبات شئ من الشبه التي تعلق بها فيما حكيناه.
ووجه آخر: وهو أنه قد كان جايزا من الله تعالى أن يأمر نبيه - صلوات الله عليه - بقتل القبطي على جميع الأحوال، لدخوله بيت النبي - صلى الله عليه وآله - بغير إذنه له في ذلك، وعلى غير اختيار منه له ورأي، فاستفهمه
مخ ۲۲