وفي سنة ٩١١ هـ١ صار (ابن كمال باشا) مدّرسا بمدرسة (علي بك) في أدرنة، وقد طلب منه السلطان بايزيد الثاني أن يكتب تاريخ العثمانيين.
وفي سنة ٩١٧ هـ٢ ولي التدريس بمدرسة (أسكوب) في اليونان. ثم رجع في سنة ٩١٨ هـ إلى المدرسة الحلبية بأدرنة. ثم صار مدرسا بإحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنة، وبعدها بإحدى المدارس الثمان٣ إلى أن أصبح مدرسا لمدرسة السلطان بايزيد الثاني.
وفي سنة ٩٢٢ هـ صار قاضيا لأدرنة، وفي السنة نفسها جعله السلطان سليم الأول٤ (قاضي عسكر الأناضول) ٥، ثم عزل من هذا المنصب سنة ٩٢٥ هـ، وعينّ رئيسًا لدار الحديث بأدرنة.
وكان- ﵀ حسن المنظر، حافظ الآداب، لطيف الصحبة إذا جلس مع الأحباب، كريم الشأن، عظيم المكان، قليل المقال، كثير التفكير في كل حال، وهذه بعض شمائله.
وفي عام ٩٣٢ هـ وبعد وفاة علاء الدين الجمالي صار ابن كمال باشا شيخ الإسلام (مفتي الخلافة العلمية العثمانية)، ولم يزل في منصب الإفتاء إلى أن توفي يوم الجمعة الثاني من شوال ٩٤٠ هـ، الموافق ١٧ من نيسان ١٥٣٤م في عهد سليمان القانوني٦.
ودفن في (باب أدرنة) بالآستانة في زاوية (محمود جلبي) وقيل في تاريخ موته (ارتحل العلم بالكمال)، وكُتب على قبره (هذا مقام أحمد)، وعلى أكفانه (هي آخر ملابسه)، وكلّها
_________
١ انظر المرجع السابق ص ٥٩٣.
٢ انظر المرجع السابق ص ٣٩٣-٥٩٤.
٣ أنشأها السلطان محمد الفاتح، وتعرف هذه المدارس بمدارس الصحن الثمان، وهي للتعليم العالي المتكامل في مرافقه وخدماته لطلاب العلم أشبه ما يكون بالمدينة الجامعية.
٤ هو تاسع السلاطين العثمانيين (٩١٨-٩٢٦ هـ/١٥١٢-١٥٢٠م)، الملقب بـ/ «ياوز»، أي القاطع. وفي عهده تم التغلب على سورية ومصر إثر واقعة مرج دابق.
«قاضي عسكر» أو «قاضيعسكر»: كان لقبا علميا كبيرًا في الدولة العثمانية، فقد كانت الدولة العثمانية مقسمة إلى منطقتين كبيرتين من هذه الوجهة هي الأناضول والرومليّ (أي بلاد الروم) وكان يعين على كلّ منهما قاض للعسكر (عن معجم صفصافي ٢٣٦)، وهذا يشبه منصب قاضي القضاة عند العرب.
٦ هو سليمان الأول (١٥٢٠-١٥٦٦م) عاشر السلاطين العثمانيين، وعهده هو العهد الذهبي في تاريخ الدولة العثمانية إذ ازدهرت العلوم والفنون والآداب، واستبحر العمران، وارتقت الدولة في جميع مرافقها.
1 / 172