226

پیغام په الهیات او سیاست کې

رسالة في اللاهوت والسياسة

ژانرونه

الفصل العشرون

حرية التفكير والتعبير مكفولة لكل فرد في الدولة

الحرة

وفيه نبين أن حرية التفكير والتعبير مكفولة لكل فرد في الدولة الحرة.

1 ***

لو كان من السهل السيطرة على الأذهان مثلما يمكن السيطرة على الألسنة، لما وجدت أية حكومة نفسها في خطر، ولما احتاجت أية سلطة لاستعمال العنف، ولعاش كل فرد وفقا لهوى الحكام، ولما أصدر حكما على حق أو باطل، على عدل أو ظلم إلا وفقا لمشيئتهم. ولكن الأمور لا تجري على هذا النحو كما لحظنا في أول الفصل السابع عشر، لأن ذهن الإنسان لا يمكن أن يقع تحت سيطرة أي إنسان آخر؛ إذ لا يمكن أن يخول أحد بإرادته أو رغما عنه إلى أي إنسان حقه الطبيعي أو قدرته على التفكير وعلى الحكم الحر في كل شيء. وعلى ذلك فإن سلطة تدعي أنها تسيطر على الأذهان إنما توصف بالعنف، كما تبدو السيادة الحاكمة ظالمة لرعاياها ومغتصبة لحقوقهم عندما تحاول أن تفرض على كل منهم ما يتعين عليه قبوله على أنه حق، وما يتعين عليه رفضه على أنه باطل، وأن تفرض عليه المعتقدات التي تحثه على تقوى الله؛ ذلك لأن هذه الأمور تعد حقا خاصا بكل فرد، لا يمكن لأحد - إن شاء - أن يسلبه إياه، وأنا أعترف بأن هناك أناسا كثيرين لا يخضعون حقا خضوعا مباشرا لسلطة فرد آخر، ولكن ذهنهم يحتشد بقدر من الأفكار المسبقة العجيبة يجعلهم ينساقون وراء أفكار هذا الآخر، إلى حد نستطيع معه أن نصفهم بأنهم تابعون له في فكره، ولكنه مهما كانت درجة الخضوع الذي يحصل عليه البعض بوسائل مفتعلة، فمن المحال أن نمنع الناس من الاعتقاد بأن آراءهم الخاصة أفضل من آراء الآخرين، وبأن اختلاف الأذهان لا يقل عن اختلاف الأذواق؛ فموسى، الذي عرف كيف يكسب ثقة شعبه، لا بالالتجاء إلى الخداع، بل بصفته الإلهية، حتى لقد اعتقد الناس أن أفعاله وأقواله موحى بها من الله؛ أقول: إن موسى نفسه لم يسلم مع ذلك من الشبهات أو من التأويلات المعارضة له، فكيف يسلم الملوك أنفسهم من ذلك؟ وفضلا عن ذلك، فإذا كان من الممكن تصور عبودية الأذهان في النظام الملكي فإن هذا الاحتمال مستبعد تماما في نظام الحكم الديمقراطي،

2

حيث يشارك الشعب كله أو معظمه في السلطة الجماعية، وأظن أن السبب في ذلك لا يخفى على أحد.

وإذن فمهما عظم الحق الذي تتمتع به السلطة العليا الحاكمة في جميع المجالات، ومهما ساد الاعتراف بها على أنها مفسرة للقانون والتقوى فإنها لا تستطيع منع الأفراد من إصدار أحكامهم في كل شيء طبقا لآرائهم الخاصة أو الانفعال - على نحو فردي - بهذا الشيء أو ذاك. صحيح أن من حق هذه السلطة العليا اعتبار من لا يشاركونها في رأيها في كل شيء أعداء، ولكننا لا نناقش الآن حقها، بل نبحث فيما يحقق مصلحتها. إننا نسلم بأنها تستطيع شرعا الحكم بأعنف الطرق وإصدار أحكام الإعدام على المواطنين لأتفه الأسباب، ولكن الكل مجمعون على أن هذا الأسلوب في الحكم يعارض العقل السليم، بل إنه لما كانت السلطة العليا لا تستطيع أن تحكم بهذا الأسلوب، دون أن تعرض الدولة للخطر، فإننا نستطيع إنكار مقدرتها على استعمال هذه الوسائل وما شابهها، وبالتالي إنكار حقها المطلق في ذلك؛ لأننا نعلم أن حق السلطة العليا يتحدد حسب قدرتها.

وعلى ذلك، فإذا لم يكن من الممكن أن يتخلى أحد عن حريته في الرأي وفي التفكير كما يشاء، وإذا كان كل فرد شيد تفكيره بناء على حق طبيعي أسمى، فإن أية محاولة لإرغام أناس ذوي آراء مختلفة، بل ومتعارضة، على ألا يقولوا إلا ما تقرره السلطة العليا تؤدي إلى أوخم العواقب، بل إن الأذكياء منهم - ناهيك بالعامة - لا يمكنهم أن يلزموا الصمت؛ ذلك لأن من الأخطاء الشائعة بين الناس أنهم يبوحون بنواياهم للآخرين، حتى في الحالات التي يحسن فيها الكتمان. وعلى ذلك فإن السلطة السياسية تكون أشد عنفا إذا أنكرت على الفرد حقه في التفكير وفي الدعوة لما يفكر فيه، وعلى العكس تكون معتدلة إذا سلمت له بهذه الحرية. ومع ذلك فنحن لا ننكر أن سيادة الدولة يمكن أن يطعن فيها بالأقوال كما يطعن فيها بالأفعال. وبالتالي فإذا كان من المستحيل سلب الرعايا لحريتهم في التعبير كلية، فإن من الخطورة التسليم لهم بها كلية؛ لذلك سنحاول أن نبين إلى أي حد يمكن ويجب التسليم بهذه الحرية دون أن يكون في ذلك تهديد لسلامة الدولة أو لحق السلطة العليا، وهذا، كما أعلنت في أول الفصل السادس عشر، هو الموضوع الرئيس لهذا الكتاب.

ناپیژندل شوی مخ