پیغام په الهیات او سیاست کې

حسن حنفي d. 1443 AH
129

پیغام په الهیات او سیاست کې

رسالة في اللاهوت والسياسة

ژانرونه

إنه يعلم أن كل ما يفعل الله يظل إلى الأبد، دون أن يضاف إليه أو ينقص منه شيء. كل ذلك يدل بوضوح تام على أن الطبيعة تسير وفقا لنظام ثابت لا يتغير، وعلى أن الله ظل كما هو في جميع العصور التي نعرفها والتي لا نعرفها، وأن قوانين الطبيعة كاملة وخصبة إلى حد لا يمكن معه إضافة شيء إليها أو إنقاص شيء منها. وأخيرا فالمعجزات لا تبدو شيئا جديدا إلا لجهل الناس بأن الكتاب يعلمنا ذلك صراحة، ولكنه لا يقول في أي من نصوصه إن شيئا ما يحدث في الطبيعة مناقضا قوانينها أو يستحيل استنباطه منها، فلا ينبغي إذن أن تدخل في الكتاب هذه الخرافة. ولنضف إلى ذلك، أن المعجزات تتطلب كما بينا من قبل عللا وملابسات وليست نتيجة لتلك القوى الملكية التي ينسبها العامة زورا وبهتانا إلى الله، بل هي نتيجة لقدرة الله وأمره، أي (كما بينا بوساطة الكتاب نفسه) عن قوانين الطبيعة ونظامها. ولنقل أخيرا: إن أساطين الكذب يستطيعون هم أنفسهم إجراء معجزات، ودليلنا على ذلك الإصحاح 13

40

من التثنية، والإصحاح 24 من متى.

41

يتبين من ذلك بأعظم قدر من الوضوح أن المعجزات كانت ظواهر طبيعية، بالتالي يجب تفسيرها بحيث لا تبدو جديدة (مستعيرين عبارة سليمان) أو مناقضة للطبيعة، بل يجب أن نفسرها مبينين، بقدر ما نستطيع، اتفاقها التام مع سائر الأشياء الطبيعية. وقد قدمت بعض القواعد التي استخلصتها من الكتاب حتى يستطيع كل فرد أن ينظر إلى المعجزة على هذا النحو دونما حرج. ومع ذلك، فعندما أقول: إن هذه هي تعاليم الكتاب فإني لا أقصد أن الكتاب يعطي هذه التعاليم بحسبانها ضرورية للخلاص، بل إن كل ما أقصده هو أن الأنبياء كانت لديهم الطريقة نفسها التي لدينا في النظر إلى الأمور، وإذن فلكل فرد الحرية في أن يحكم طبقا لما يراه أفضل وسيلة تؤدي إلى أن يمتلئ قلبه بالعقيدة وبعبادة الله، وهذا ما كان يعتقده يوسف؛ لأنه يقول في آخر الكتاب الثاني من «أخبار الأقدمين»: «لا يجب على أحد لهذا السبب أن يرفض الاعتقاد بأن الأمر يتعلق بواقعة معجزة، وبأن أناسا من القدماء، لم يعرفوا الرذيلة، قد انشق لهم عبر البحر طريق للنجاة، سواء أكان ذلك بإرادة الله أم كان تلقائيا، على حين رأى جنود الإسكندر، ملك مقدونيا، بحر بمافيليا يتراجع أمامهم، وأصبح لهم طريقا بعد أن ضلوا كل طريق وذلك عندما أراد الله أن يقضي على قوة الفرس. هذا ما يتفق عليه تماما جميع رواة أخبار الإسكندر، فلكل فرد الحرية في أن يعتقد ما يشاء.»

42

تلك هي أقوال يوسف وهذا هو حكمه على الإيمان بالمعجزات.

الفصل السابع

تفسير الكتاب

يعترف جميع الناس بأن الكتاب المقدس كلام الله، وأنه يعلم الناس السعادة الروحية الحقة أو طريق الخلاص، غير أن سلوك الناس يكشف عما يغاير ذلك تماما؛ لأن العامة لا يحرصون أبدا على أن يعيشوا وفقا لتعاليم الكتاب المقدس، وترى جميع الناس تقريبا وقد استبدلوا بكلام الله بدعهم الخاصة، ويبذلون قصارى جهودهم باسم الدين من أجل إرغام الآخرين على أن يفكروا مثلهم. أقول: إننا نرى معظم اللاهوتيين وقد انشغلوا بالبحث عن وسيلة لاستخلاص بدعهم الخاصة وأحكامهم التعسفية من الكتب المقدسة بتأويلها قسرا، وبتبرير هذه البدع والأحكام بالسلطة الإلهية، وهم لا يكونون أقل حرصا وأكثر جرأة في أي موضع آخر، بقدر ما يكونون في تفسير الكتاب، أي تفسير فكر الروح القدس. والأمر الوحيد الذي يخشونه بعملهم هذا ليس الخوف من أن ينسبوا إلى الروح القدس عقيدة باطلة أو أن يحيدوا عن طريق الخلاص، بل أن يقنعهم الآخرون بخطئهم وأن يروا أعداءهم وقد قضوا على سلطتهم، وأن يكونوا موضع احتقار الآخرين. والحق أنه لو كان الناس صادقين في شهادتهم بصحة الكتاب لكان لهم أسلوب في الحياة مختلف كل الاختلاف، ولما اضطربت نفوسهم بكل هذه المنازعات، ولما تصارعوا بمثل هذه الكراهية، ولما تملكتهم هذه الرغبة العمياء الهوجاء في تفسير الكتاب وكشف البدع في الدين، بل لما جرءوا على أن يؤمنوا برأي لم يدع إليه الكتاب بوضوح تام على أنه عقيدة في الكتاب. وأخيرا لامتنع مدنسو المقدسات، الذين لم يتورعوا عن تحريف الكتاب في مواطن كثيرة، عن ارتكاب مثل هذا الجرم ولما وضعوا عليه أيديهم الدنسة. إن الطموح الإجرامي وحده هو الذي جعل من الدين دفاعا عن بدع إنسانية أكثر منه إطاعة لتعاليم الروح القدس، بل إنه هو الذي جعله يستخدم في نشر أقسى أنواع الشقاق والكراهية بين الناس، لا في نشر الإحسان، وذلك تحت قناع الحماس لدين الله والإيمان المشبوب. وأضيفت إلى هذه الشرور الخرافة التي تدعو إلى احتقار الطبيعة والعقل، وإلى الإعجاب بما يناقضهما وتعظيمه، ومن هنا لم يكن مما يدعو للدهشة أن يعمل الناس، من أجل زيادة تعظيم الكتاب واحترامه، على تفسيره بحيث يبدو متناقضا إلى أكبر حد ممكن مع هذه الطبيعة نفسها ومع هذا العقل ذاته، ومن ثم أصبح الناس يحلمون بأن هناك أسرارا عميقة للغاية تخبئها الكتب المقدسة، وأخذوا يستنفذون قواهم في التكهن بها، متجاهلين المفيد في سبيل الممتنع، ويعزون إلى الروح القدس كل ما يبتدعونه في هذيانهم هذا، ويحاولون الدفاع عنه بكل ما أوتوا من قوة وحماس، وهذا هو حال الناس دائما: فهم يدافعون بالذهن والعقل وحده عن كل ما يدركونه بالذهن الخالص، ويدافعون بانفعالاتهم عن المعتقدات اللاعقلية التي تفرضها عليهم انفعالات النفس. ولكي نخرج أنفسنا من هذه المتاهات ونحرر فكرنا من أحكام اللاهوتيين المسبقة، وحتى لا نؤمن في غفلة منا ببدع من وضع البشر، وكأنها تعاليم إلهية، يجب أن نتحدث عن المنهج الصحيح الذي يجب اتباعه لتفسير الكتاب، وأن يكون تصورنا له واضحا، فطالما كنا نجهله لن نستطيع أن نعلم شيئا يقينيا عن تعاليم الكتاب أو الروح القدس. ولكي لا أطيل الحديث ألخص هذا المنهج فأقول: إنه لا يختلف في شيء عن المنهج الذي نتبعه في تفسير الطبيعة، بل يتفق معه في جميع جوانبه ، فكما أن منهج تفسير الطبيعة يقوم أساسا وقبل كل شيء على ملاحظة الطبيعة ، وجمع المعطيات اليقينية، ثم الانتهاء منها إلى تعريفات الأشياء الطبيعية، فكذلك يتحتم علينا في تفسير الكتاب أن نحصل على معرفة تاريخية مضبوطة، وبعد الحصول عليها أي على معطيات ومبادئ يقينية، يمكننا أن ننتهي من ذلك إلى استنتاج مشروع لفكر مؤلفي الكتاب. وعلى هذا النحو (أعني إذا لم نسلم بمبادئ وبمعطيات لتفسير الكتاب ولتوضيح محتواه إلا ما يمكن استخلاصه من الكتاب نفسه ومن تاريخه النقدي) يستطيع كل فرد أن يتقدم (في بحثه) دون التعرض للوقوع في الخطأ كما يستطيع أن يكون فكرة عما يتجاوز حدود فهمنا، يكون لها اليقين نفسه الذي لدينا عما نعرفه بالنور الطبيعي.

ناپیژندل شوی مخ