رِسَالَة فِي إِثْبَات الاسْتوَاء والفوقية بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَصلى الله وَسلم على سيدنَا مُحَمَّد الحبيب وعَلى آله وَسلم الْحَمد لله الَّذِي كَانَ وَلَا مَكَان وَلَا إنس وَلَا جَان وَلَا طَائِر وَلَا حَيَوَان الْمُنْفَرد بوحدانيته فِي قدم أزليته والدائم فِي فردانيته فِي قدس صمدانيته لَيْسَ لَهُ سمي وَلَا وَزِير وَلَا شَبيه وَلَا نَظِير المتفرد بالخلق والتصوير الْمُتَصَرف بِالْمَشِيئَةِ وَالتَّقْدِير ﴿لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير﴾ لَهُ الرّفْعَة والْعَلَاء وَالْحَمْد وَالثنَاء والعلو والاستواء لَا تحصره الْأَجْسَام وَلَا تصَوره الأوهام وَلَا تقله الْحَوَادِث وَلَا الأجرام وَلَا تحيط بِهِ الْعُقُول وَلَا الأفهام لَهُ الْأَسْمَاء الْحسنى والشرف الأتم الْأَسْنَى والدوام الَّذِي لَا يبيد وَلَا يفنى نصفه بِمَا وصف بِهِ نَفسه من الصِّفَات الَّتِي توجب عَظمته وقدسه مِمَّا أنزلهُ فِي كِتَابه وَبَينه رَسُوله ﷺ فِي خطابه ونؤمن بِأَنَّهُ الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم السَّمِيع الْبَصِير الْعَلِيم الْقَدِير الرَّحْمَن الرَّحِيم الْملك القدوس الْعَظِيم لطيف خَبِير قريب مُجيب مُتَكَلم مُرِيد فعال لما يُرِيد يقبض ويبسط ويرضى ويغضب وَيُحب وَيبغض وَيكرهُ ويضحك وَيَأْمُر وَينْهى ذُو الْوَجْه الْكَرِيم والسمع السَّمِيع وَالْبَصَر الْبَصِير وَالْكَلَام الْمُبين وَالْيَدَيْنِ والقبضتين وَالْقُدْرَة وَالسُّلْطَان وَالْعَظَمَة والامتنان لم يزل كَذَلِك

1 / 27

وَلَا يزَال اسْتَوَى على عَرْشه فَبَان من خلقه لَا يخفى عَلَيْهِ مِنْهُم خافية علمه بهم مُحِيط وبصره بهم نَافِذ وَهُوَ فِي ذَاته وَصِفَاته لَا يُشبههُ شَيْء من مخلوقاته وَلَا يمثل بِشَيْء من جوارح مبتدعاته وَهِي صِفَات لائقة بجلاله وعظمته لَا تتخيل كيفيتها الظنون وَلَا ترَاهَا فِي الدُّنْيَا الْعُيُون بل نؤمن بحقائقها وثبوتها واتصاف الرب تَعَالَى بهَا وننفي عَنْهَا تَأْوِيل المتأولين وتعطيل الجاحدين وتمثيل المشبهين تبَارك الله أحسن الْخَالِقِينَ فَبِهَذَا الرب نؤمن وإياه نعْبد وَله نصلي ونسجد فَمن قصد بِعِبَادَتِهِ إِلَى إِلَه لَيست لَهُ هَذِه الصِّفَات فَإِنَّمَا يعبد غير الله وَلَيْسَ معبوده ذَلِك بإله فكفرانه لَا غفرانه ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا ﷺ عَبده وَرَسُوله اصطفاه لرسالته وَاخْتَارَهُ لبريته وَأنزل عَلَيْهِ كِتَابه الْمُبين الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه تَنْزِيل من حَكِيم حميد صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه أكْرم الْآل وَأفضل العبيد

1 / 28

وَبعد فَهَذِهِ نصيحة كتبتها إِلَى إخْوَانِي فِي الله أهل الصدْق والصفاء وَالْإِخْلَاص وَالْوَفَاء لما تعين عَليّ من محبتهم فِي الله ونصيحتهم فِي صِفَات الله ﷿ فَإِن الْمَرْء لَا يكمل إيمَانه حَتَّى يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ وَفِي الصَّحِيح عَن جرير بن عبد الله البَجلِيّ قَالَ بَايَعت رَسُول الله ﷺ على إقَام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة والنصح لكل مُسلم وَعَن تَمِيم الدَّارِيّ أَن النَّبِي ﷺ قَالَ (الدّين النَّصِيحَة ثَلَاثًا) قُلْنَا لمن قَالَ (لله ولكتابه وَلِرَسُولِهِ ولأئمة الْمُسلمين وعامتهم) أعرفهم أَيّدهُم الله

1 / 29

تَعَالَى بتأييده ووفقهم لطاعته ومزيده أنني كنت بُرْهَة من الدَّهْر متحيرا فِي ثَلَاث مسَائِل مَسْأَلَة الصِّفَات وَمَسْأَلَة الْفَوْقِيَّة وَمَسْأَلَة الْحَرْف وَالصَّوْت فِي الْقُرْآن الْمجِيد وَكنت متحيرا فِي الْأَقْوَال الْمُخْتَلفَة الْمَوْجُودَة فِي كتب أهل الْعَصْر فِي جَمِيع ذَلِك من تَأْوِيل الصِّفَات وتحريفها أَو إمرارها وَالْوُقُوف فِيهَا أَو إِثْبَاتهَا بِلَا تَأْوِيل وَلَا تَعْطِيل وَلَا تَشْبِيه وَلَا تَمْثِيل فأجد النُّصُوص فِي كتاب الله تَعَالَى وَسنة رَسُوله ﷺ ناطقة منبئة بحقائق هَذِه الصِّفَات وَكَذَلِكَ فِي إِثْبَات الْعُلُوّ والفوقية وَكَذَلِكَ فِي الْحَرْف وَالصَّوْت ثمَّ أجد الْمُتَأَخِّرين من الْمُتَكَلِّمين فِي كتبهمْ مِنْهُم من يؤول الاسْتوَاء بالقهر والاستيلاء ويؤول النُّزُول بنزول الْأَمر ويؤول الْيَدَيْنِ بالقدرتين أَو النعمتين ويؤول الْقدَم بقدم صدق عِنْد

1 / 30

رَبهم وأمثال ذَلِك ثمَّ أجدهم مَعَ ذَلِك يجْعَلُونَ كَلَام الله تَعَالَى معنى قَائِما بِالذَّاتِ بِلَا حرف وَلَا صَوت ويجعلون هَذِه الْحُرُوف عبارَة عَن ذَلِك الْمَعْنى الْقَائِم وَمِمَّنْ ذهب إِلَى هَذِه الْأَقْوَال وَبَعضهَا قوم لَهُم فِي صَدْرِي منزلَة مثل طَائِفَة من فُقَهَاء الأشعرية الشافعيين لِأَنِّي على مَذْهَب الشَّافِعِي ﵁ عرفت فَرَائض ديني وَأَحْكَامه فأجد مثل هَؤُلَاءِ الشُّيُوخ الأجلة يذهبون إِلَى مثل هَذِه الْأَقْوَال وهم شيوخي ولي فيهم الِاعْتِقَاد التَّام لفضلهم وعلمهم ثمَّ إِنَّنِي مَعَ ذَلِك أجد فِي قلبِي من هَذِه التأويلات حزازات لَا يطمئن قلبِي إِلَيْهَا وَأَجد الكدر والظلمة مِنْهَا وَأَجد ضيق الصَّدْر وَعدم

1 / 31

اصول - د اسلامي متنونو لپاره څیړنیز اوزار

اصول.اي آی د اوپنITI کورپس څخه زیات له 8,000 اسلامي متونو خدمت کوي. زموږ هدف دا دی چې په اسانۍ سره یې ولولئ، لټون وکړئ، او د کلاسیکي متونو د څیړلو کولو لپاره یې آسانه کړئ. لاندې ګډون وکړئ ترڅو میاشتني تازه معلومات په زموږ د کار په اړه ترلاسه کړئ.

© ۲۰۲۴ اصول.اي آی بنسټ. ټول حقوق خوندي دي.