فيورث إرجاع الأمر إليه الهرج والمرج في بدء الإسلام، والصحابة رأوا المصلحة لأن يتصدون أمر الخلافة ويحفظون الدين عن التغير إلى أن يتقوى الإسلام، ونحن نقول إن هذا ومثله من المعاذير لو صدقت لكان غايتها إن استبداد الأمير بالخلافة بغير مشورتهم ومعاونتهم خلاف الأصلح. وأما خلافته بمعاونة الصحابة فلا فساد فيها فينجم الاعتراض على الصحابة إنهم لم لم يوازروه ولم يعاونوه، فوالله العظيم لو أعانه منهم عشرة ما اختلف عليه اثنان فكيف بجلهم، ولا يزيد كراهة إمرته على كراهة نبوة النبي (ص) فإنه باليسر منهم ملك رقابهم وأظهر نبوته بالسيف، ثم إن الكاره لخلافته وإمرته إن كان من الأذناب فهم لا يعتني بشأنهم وما هم إلا كالفراش، وإن كان من أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار جاء الحق من إنهم اتبعوا أهواء أنفسهم ولم يكن فيهم أحد سالما من غرض أو مرض، ولولا تقاعد باقي المهاجرين والأنصار عن عثمان في المدينة وعدم رضائهم ببعض أفعاله لما مر به من يؤذيه ولا قتل، ثم إن المنصف إذا تفكر في التواريخ وأخبار السلف يرى إن أغلب الناس إلا من يشم من نفسه الإمرة كلهم كانوا يوالون عليا)، ويودون ولايته عليهم فهذا العذر كالذي يليه لا يفيد فائدة، فإن الحق أحق أن يتبع فكونه (ع) يقضي بالحق ويسير بالعدل، ولا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله مما يشرف من له أدنى عقل إن العموم ترضى به لكن رضاء العموم متوقف على رضاء الخواص، والخواص قلوبهم مرضى، ومرض القلوب لا يداوى، وهوى النفس يغلب، والله سبحانه أبصر عمن خالف النص وغلبه هواه.
مخ ۶۵