حفظه قهرا على الخلق ورفع الموانع عنه كالسابق، فلا نقض على دليل اللطف بزمن الغيبة، ولا ملازمة بين وجوب الحدوث ووجوب البقاء، فنتج من جميع ما ذكرنا إن نصب الإمام بعد الرسول لطف إذ هو يقرب إلى الطاعة، ويبعد عن المعصية، وليس اللطف إلا ذلك، ولازم صدوره على الله، وإما إبقاء الإمام قهرا على الأمة فهو وإن قرب من الطاعة أيضا لكنه مشروط عقلا بالسلامة من المفسدة فمتى لم يتحقق الشرط ولم يحرز لا يحكم حكما بتيا بوجوب البقاء، ولازمه جواز خلو الزمان الثاني عن وجود الإمام أو عن تصرفه بخلاف الزمان الأول فإنه يلزمه فيه وجود الإمام ونصبه ولو آنا ما، بل وكذا في باقي الأزمنة إذا استند عدم البقاء إلى فعل الخالق كأن يقول له لا تبين الأحكام وهو يطلب العمل بها، ولا كذلك إذا استند عدم البقاء إلى المخلوق، ومن هنا ذهب الإمامية إلى عدم جواز خلو العصر عن إمام متصرف موجود لاقتضاء بقاء الشريعة المفروغ منه على ذلك، فحصل الفرق بين الزمانين من وجوب اشتمال الأول على وجود إمام متصرف وجواز عدم اشتمال الثاني عليه في صورة استناد العدم إلى الأمة العصاة لا إلى الله عز وجل.
لا يقال أن بقاء الشريعة لا ينفك عن وجود الإمام المتصرف في فعل القادر الفياض، لأن حصول الانفكاك بينهما يلزمه إما عدم مطلوبية البقاء أو عدم توقفه على وجود الإمام المتصرف أو عدم قدرة الله تعالى على إبقاء الإمام بين الأمة وهو كما ترى، فكيف تجمع الإمامية بين ذلك وبين اعتقاد غيبة الإمام والقول به، وهذا من الغرابة بمكان، وأهل السنة شنعوا به على الإمامية.
لأنا نقول إن بقاء الشريعة ومطلوبية ذلك من جانب الحق تعالى له معنيان:
مخ ۵۱