الأولى: إن ترك اللطف نقض للغرض وهو قبيح، ومضافا إلى قبحه إن وجود ما يصرفه محال في حق الحكيم للزوم تخلف المعلول عن العلة، إذ الغرض لو تعلق بحصول شئ لا جرم إنه بالعرض يتعلق بحصول ما لا يحصل الشيء الأول إلا به، ولا يتم نحققه ووجوده لولا وجود الأخر، فلو لم يتعلق الغرض بحصول ما يتقوم به الأول يلزم أن يتعلق بطرفي النقيض، وهذا لا يصدر من عاقل فضلا عن الخالق، وبعد تعلق الغرض بهذه المقدمة التي هي لطف لا يمكن تخلفه، فإن الغرض علة الأفعال الاختيارية، والمفروض وجود القدرة على ما تعلق به الغرض من غير ترتب مفسدة صارفة، فلا محيص إلا عن صدور ذلك من الأمر، والفرق بين ما نحن فيه وبين ما سبق إن تمام الوجه السابق موقوف على كون الآمر حكيم لا يصدر القبح منه، وهذا لا يتوقف إلا على عقل الآمر وإدراكه.
الثانية: وجود مقتضي اللطف بالمعنى المذكور وخلوه عن المانع، فيؤثر المقتضي أثره، أما المقتضي فهو اشتمال النصب للإمام على صلاح أمر الأمة بالاتفاق، ولا مانع إلا ترتب المفسدة ولا مفسدة في نصب الإمام تمنع من اقتضاء المقتضي سوى ما مضى من عصيان الأمة على نحو المقرر، وهو لا يساوي مصلحة النصب لله تعالى ، لأن العقل قاض بصدور اللطف من المبدأ الفياض فلا بد أن يصدر منه ما هو الأصلح للعباد والبلاد كما تقرر ذلك في علمي الحكمة والكلام، فتلخص إن القاضي بوجوب اللطف أمور: - (الأول): إن تركه نقض للغرض وهو قبيح، وهذا الوجه موقوف على ما اخترناه في مسألة الحسن والقبح وفاقا للمشهور، إذ المسألة خلافية.
مخ ۴۷