عبارة عن إثبات وجوب النصب من الجهة الثانية، ولما كان اللطف من أفعل العباد لا من أفعال الله تعالى وجب على الله تعالى الإلزام به وإيجابه عليهم، ولأجله وجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جميع الشرائع والأديان، ثم إن شرذمة المناقشات السابقة في الدليل الأول ترد أيضا على هذا الدليل وأجوبتها الماضية قد لا يفيد بعضها هنا، ولأجله كررنا ما يرد منها مما أوردناه هنا فنقول يرد على الدليل أمور: - الأول: - مطالبة الدليل على إن وجود الإمام مصلحة لقيام احتمال أن يكون في وجوده مفسدة وإثبات كونه مصلحة من جهة تقريبه إلى الطاعة وتبعيده عن المعصية يدفعه إنه وإن كان مقربا من جهة فعسى إن يكون مبعدا من أخرى، بل لعله يقرب إلى المعصية وهذا الإشكال وإن أوردناه على الدليل الأول، ولكن الجواب مختلف لأنا ما أجبنا به عنه هناك إن احتمال المفسدة في وجود الإمام يلزمه احتمال المفسدة في بقاء الشريعة إلى الدوام، وهو معلوم العدم بالضرورة كما مر، وهذا لا يجري فيما نحن فيه لتعقب اللطف عن معرفة الأحكام، وعدم توقف المعرفة عليه.
ثانيا: - إنه لو سلمنا وجود المصلحة في نصب الإمام فإنما نسلمه مرددا بين نصب الله تعالى ورسوله له، وبين نصب الأمة، وإن الله تعالى أوكل نصب الإمام إليهم فتخصيص نصبه بالخالق دون الأمة محتاج إلى القاطع.
ثالثها: - إنه على تقدير اشتمال نصب الإمام على المصلحة، فمن أين يعلم وجوب العمل بهذه المصلحة على الله تعالى التي هي لطف؟ والمشاهد ترك ذلك له تعالى في كثير من الموارد، فإنا ما رأينا ولا سمعنا بأن الله تعالى لأجل الردع عن المعصية أرسل ملكا لموعظة
مخ ۴۲