الرسول، وبعث الرسول قد يختص بزمان دون زمان وبقطر دون قطر وبقوم دون قوم، وكثير ما يوجد في الربع المسكون من الناس من لم تبلغهم دعوة النبي، وذكر أهل التواريخ إن كثيرا من الخلق في الأزمنة السابقة لم يرسل لهم رسول ولا تدينوا بدين وذلك لمصالح لا يعلمها إلا علام الغيوب، فعسى أن يدعى إن علة نصب الإمام بعد رحلت النبي (ص) لم تكن كاملة ليترتب عليها وجود المعلول.
قلنا نعم نحن نعترف بإمكان ما ذكر بل بوقوعه، غير إنا نقول إن أدلة استدامة الشريعة وبقائها إلى يوم الحساب يرفع هذا الاحتمال ويدل على قابلية الزمان وأهله بعد النبي (ص) للعمل بأحكام الشريعة، وبعد دلالتها كذلك نقضي بلزوم وجود الإمام فقياس بقاء التكاليف على وجوب بعث الرسول لا محصل له لوجود الفارق بينهما كما بينا. نعم نصب الإمام (ع) بعد النبي (ص) مع الإعراض عن أدلة بقاء الشريعة هو كبعث النبي (ص) في عدم حكومة العقل بلزومه على الله تعالى ولا كذلك بعد فرض وجوب بقاء الأحكام والشريعة، وتوقف البقاء على الحافظ فلا محيص عن القول بوجوب النصب وحكم العقل به إذ عدم النصب يلزمه عدم البعث وعدم إرسال من يبين الأحكام ويبلغ الأنام، ونتيجته إن الله لا يريد من العباد ارتكاب ما أمر به واجتناب ما نهى عنه اللذان يطلق عليهما الواجب والحرام.
وربما يعترض كما وقع ذلك لجماعة من محققي أهل السنة
مخ ۲۲