رقة او بکا
الرقة والبكاء لابن قدامة
پوهندوی
محمد خير رمضان يوسف
خپرندوی
دار القلم،دمشق،الدار الشامية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م
د خپرونکي ځای
بيروت
بَعَثَهُ اللَّهُ بِهِ، وَأَكْرَمَهُ بِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَعْلَمُونَ وَاللَّهِ أَنَّهُ لَلرَّجُلُ الَّذِي كَانَتْ يَهُودُ تُوعِدُكُمْ بِهِ وَيَذْكُرُونَ أَنَّهُ كَائِنٌ، فَلا يَسْبِقُنَّكُمْ إِلَيْهِ، وَكَانُوا مِنْ أَعْلَمِ الْعَرَبِ بِشَأْنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَذَلِكَ إِنَّهُمْ كَانُوا جِيرَانَ يَهُودَ فِي بِلادِهِمْ، فَكَانُوا يَسْمَعُونَ مِنْهُمْ، وَكَانَتْ يَهُودُ تَسْتَفْتِحُ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنَ الأَنْصَارِ كَانُوا أَصْحَابَ وَثَنٍ، وَكَانَتْ يَهُودُ أَصْحَابَ كِتَابٍ، وَكَانُوا قَدْ غَزَوْهُمْ، فَكَانَتْ يَهُودُ تَقُولُ: إِنَّ نَبِيًّا مَبْعُوثٌ الآنَ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ، وَهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ، فَنَتْبَعُهُ، فَيَقْتُلُكُمْ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ، كَثِيرًا مَا يَقُولُونَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَكَثِيرًا مَا يَسْمَعُونَهُ مِنْهُمْ، فَلَمَّا سَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا سَمِعُوا، أَجَابُوهُ بِالإِيمِانِ بِهِ، وَبِالتَّصْدِيقِ لَهُ، وَقَالُوا: إِنَّا قَدْ فَارَقْنَا قَوْمَنَا، وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْعَرَبِ بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ مَا بَيْنَهُمْ، وَسَنَرْجِعُ بِالَّذِي سَمِعْنَا مِنْكَ إِلَيْهِمْ، لَعَّلَ اللَّهَ يَقْبَلُ بِقُلُوبِهِمْ، وَيُصْلِحُ بِكَ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، فَإِنْ يُجْمَعُوا لَكَ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ، فَلا رَجُلٌ أَعَزَّ مِنْكَ.
ثُمَّ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ عَلَى قَوْمِهِمْ، فَأَفْشُوا فِيهِمُ الإِسْلَامَ، وَذَكَرُوا لَهُمْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، حَتَّى فَشَا ذَلِكَ فِي قُرَى الأَنْصَارِ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: كَتَبَتِ الأَنْصَارُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ رَجُلا يُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّينِ، فَبَعَثَ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ، فَنَزَلَ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَكَانَ يَأْتِي بِهِ دُورَ الأَنْصَارِ، فَيَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَيَتْلُو عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، وَيُفَقِّهُ مَنْ كَانَ أَسْلَمَ مِنْهُمْ فِي الإِسْلامِ.
قَالَ: فَخَرَجَ بِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ إِلَى حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِ بَنِي ظَفَرَ، فَجَلَسَ بِهِ فِيهِ، وَأَتَاهُ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ سَمِعَ بِالإِسْلامِ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ مِنْ أَهْلِ الدَّارَيْنِ: مِنْ بَنِي ظَفَرَ، وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، قَالَ: فَسَمِعَ بِذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ لأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ: ائْتِ هَذَا الرَّجُلَ فَإِنَّهُ لَوْلا أَنَّهُ مَعَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ وَهُوَ ابْنُ
1 / 121