رقة او بکا
الرقة والبكاء لابن قدامة
پوهندوی
محمد خير رمضان يوسف
خپرندوی
دار القلم،دمشق،الدار الشامية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م
د خپرونکي ځای
بيروت
ثُمَّ عَدَتْ قُرَيْشٌ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ، فَأَوْبَقُوهُمْ، وَآذُوهُمْ، وَاشْتَدَّ الْبَلَاءُ عَلَيْهِمْ، وَعَظُمَتِ الْفِتْنَةُ فِيهِمْ، وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا، وَلَمَّا قَدِمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ، وَأَخْبَرُوهُمْ بِمَا قَالَ، اشْتَدَّ وَجْدُهُمْ، وَآذَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابَهُ أَذًى شَدِيدًا، وَضَرَبُوهُمْ فِي كُلِّ طَرِيقٍ، وَحَصَرُوهُمْ فِي شِعْبِهِمْ، وَقَطَعُوا عَنْهُمُ الْمَادَّةَ وَالأَسْوَاقَ، فَلَمْ يَدَعُوا أَحَدًا يُدْخِلُ عَلَيْهِمْ طَعَامًا، وَلا شَيْئًا مِمَّا يَرْتَفِقُونَ بِهِ، فَكَانُوا يَخْرُجُونَ مِنَ الشِّعْبِ إِلَى الأَسْوَاقِ، فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تِبَادِرُهُمْ إِلَى الأَسْوَاقِ، فَيَشْرُونَهَا وَيُغَلُّونَهَا عَلَيْهِمْ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ ثَلاثَ سِنِينَ، حَتَّى بَلَغَ الْقَوْمَ الْجَهْدُ الشَّدِيدُ، حَتَّى سَمِعُوا أَصْوَاتَ صِبْيَانِهِمْ يَتَضَاغون مِنْ وَرَاءِ الشِّعْبِ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ:
أَلا أَبْلِغَا عَنِّي عَلَى ذَاتِ بَيْنِنَا ... لُؤَيًّا وَخُصَّا مِنْ لُؤَيِّ بَنِي كَعْبِ
أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّا وَجَدْنَا مُحَمَّدًا نَبِيًّا ... كَمُوسَى خُطَّ فِي أَوَّلِ الْكُتْبِ
وَأَنَّ عَلَيْهِ فِي الْعِبَادِ مَحَبَّةً وَلَا خَيْرَ ... مِمَّنْ خَصَّهُ اللَّهُ بِالْحُبِّ
وَأَنَّ الَّذِي أَلْصَقْتُمُ مِنْ كِتَابِكُمْ يَكُونُ ... لَكُمْ يَوْمًا كَرَاغِيَةِ السَّقْبِ
فَلَسْنَا وَرَبِّ الْبَيْتِ نُسْلِمُ أَحْمَدًا لِعَزَّاءِ ... مِنْ عَضِّ الزَّمَانِ وَلا كَرْبِ
وَلَمَّا تَبِنْ مِنَّا وَمِنْكُمْ سَوَالِفٌ ... وَأَيْدٌ أُتِرَّتْ بِالْمُهَنَّدَةِ الشُّهْبِ
1 / 106