في بادئ الأمر، شرعا في تفاؤل كبير في البحث في الأماكن البديهية؛ يوستن، المطار، محطة فيكتوريا؛ مسرورين بالأسلوب الذي أجدى نفعا كبيرا. «مرحبا أيها المفتش. كيف يمكنني أن أساعدك اليوم؟» «ربما يمكنك أن تساعد صديقي الشاب من أمريكا.» «أجل؟ أتريد تذكرة لقطار الساعة الثالثة والنصف؟» «لدينا تذكرة لقطار الساعة الثالثة والنصف. يريد أن يعرف إن كان صديقه ترك حقيبتين هنا. أتمانع في أن يلقي نظرة بالأرجاء؟ لا نريد نقل أي شيء. نريد فقط أن نلقي نظرة.» «حسنا، ذاك شيء لا يزال مسموحا به في هذا البلد أيها المفتش، صدق هذا أو لا تصدق. هلا تبعتماني؟»
وهكذا تبعاه. في كل مرة كانا يتبعانهم. وفي كل مرة كانت الأمتعة المتراصة تبادلهما النظر في ازدراء وانطوائية. بتجرد كما من شأن أغراض الآخرين أن تنظر.
ومن الأماكن المرجحة انتقلا في قلق وترقب إلى الأماكن التي كانت تشكل مجرد احتمال. كانا يأملان أن يجدا مفكرة يومية أو أوراقا شخصية. لكنهما الآن على استعداد لأن يكتفيا بمجرد إلقاء نظرة واحدة على تلك الحقائب.
لكن لم يكن هناك حقائب مألوفة على أي من الأرفف.
ذهل تاد كثيرا من هذا حتى إن جرانت وجد صعوبة في اقتياده بعيدا عن النقاط التي توقفا فيها لاحقا. أخذ تاد يتجول في ذهول واندهاش مرة تلو أخرى حول الأرفف المملوءة بالأمتعة.
وظل يقول: «لا بد أن تكون هنا. لا بد أن تكون هنا.»
لكنها لم تكن موجودة.
وحين خرجا إلى الشارع، في حيرة من أمرهما، وبعد أن ذهب رهانهما الأخير أدراج الرياح، قال تاد: «أيها المفتش، أقصد يا سيد جرانت، في أي مكان آخر كنت ستترك فيه أمتعتك بعد أن تغادر أحد الفنادق؟ هل لديكم خزانات شخصية هنا؟» «خزائن محدودة المدة فحسب. لمن يريد أن يترك حقيبته ساعة أو ساعتين بينما ينجز أمرا ما.» «إذن أين هي أغراض بيل، ولماذا ليست موجودة في أي من الأماكن البديهية؟» «لا أعرف. ربما تكون مع فتاته.» «أي فتاة؟» «لا أعرف. كان شابا ووسيما وعزبا؛ سيكون أمامه مجموعة واسعة من الخيارات.» «أجل، بالطبع. ربما كان ذلك ما فعله بأغراضه. وهو ما يذكرني بشأن ما.» ثم اختفت أمارات السخط والوجوم عن وجهه. وألقى نظرة سريعة على ساعته. كانت قد قاربت على وقت العشاء. واستطرد: «لدي موعد مع فتاة في حانة الحليب.» ثم نظر في عين جرانت وبدا خجلا بعض الشيء. وأضاف: «لكن يمكنني أن أؤجل الموعد إن كنت تظن أنني يمكن أن أعاونك.»
فصرفه جرانت ليلتقي بفتاته في حانة الحليب وقد اعتراه شعور طفيف بالارتياح. كان الأمر أشبه بمرافقة جرو مفجوع هنا وهناك. وقد قرر جرانت نفسه أن يؤجل العشاء قليلا، وأن يذهب ليلتقي ببعض أصدقائه اللندنيين.
توجه إلى داخل قسم شرطة أستويك ستريت، فقوبل بالعبارة نفسها التي كان يسمعها طيلة فترتي ما بعد الظهيرة والمساء: «مرحبا أيها المفتش، كيف يمكننا مساعدتك؟»
ناپیژندل شوی مخ