85

إبراهيم الهلباوي

كان في مصر قبل الثورة العرابية حزبان سياسيان: أحدهما حزب «محمد شريف باشا» والآخر حزب «مصطفى رياض باشا».

وقد يخطر للقارئ العصري أن تعريف الأحزاب بالأشخاص دليل على أن الحركة كلها شخصية لا علاقة لها بالبرامج السياسية، ولكن الواقع أن تعريف الأحزاب بالأشخاص كان سنة معروفة في ذلك العصر حتى في أعرق الأمم البرلمانية، فكان الحزبان المتناظران في إنجلترا يعرفان يومئذ باسم حزب «غلادستون» وحزب «بيكنسفيلد»، ولم يكن ذلك دليلا على وحدة البرامج بين الحزبين.

وقد كان الحزبان المصريان كذلك مختلفين في البرامج، ولم يكن الخلاف بينهما مقصورا على الانتماء إلى هذا الوزير أو ذاك الوزير.

كان حزب «شريف» أقرب إلى التجديد السريع.

وكان حزب «رياض» أقرب إلى المحافظة مع التقدم في رفق وأناة.

وكان «الهلباوي بك» ناقما على «رياض باشا» لسبب من الأسباب، فكان يطلق فيه لسانه ويكتب عنه ما لا يرضيه.

فأمر عالما من رجال الدين أن يستجوب الشيخ «إبراهيم الهلباوي» تمهيدا لمعاقبته. فبدأ العالم المحقق كلامه بتهديد الشيخ الناشئ، واستطرد قائلا: إن ناظر النظار سيخرب بيتك إن لم تكف عن الحملة عليه.

فضحك الشيخ «إبراهيم» وأجابه ساخرا: إنه لا يستطيع.

فعجب العالم المحقق وقال: كيف لا يستطيع وهو ناظر النظار والحكومة كلها في يديه؟

ناپیژندل شوی مخ