102

وخطبها صحفي ثرثار كانت تصفه «بيبوسة المخ»، فلم تزد في جواب السائلين على السماح للخطيب المرفوض يوما من أيام الندوة بالانطلاق في الحديث عن عادته من اللجاجة والعنت، فكاد الحاضرون أن ينصرفوا جميعا، وكان هذا هو جوابها الغني عن البيان!

وتحدث بعضهم عن فتيات لاهيات متطرفات في الحرية الاجتماعية، وأبدى إشفاقه من فوات حظهن في الزواج بمن يناسبهن، فقالت ساخرة: ولكن هؤلاء وأمثالهن، يا أستاذ، هن اللواتي يسرع إليهم الأزواج من الأكفاء، وفوق الأكفاء!

ولقد كان لكل من رواد ندوتها العائليين، دور «عائلي أدبي» ملحوظ على منهجه المألوف.

كان للدكتور «شميل» دور الأب العصري الذي يحض فتاته على التحرر من قيود التربية العتيقة، وكان رفع الكلفة مع الناس جميعا طبعا من طباع الدكتور «شميل» لا يتكلفه مع أحد، فإذا استقبلته يوما في الندوة، فلمح على محياها أثرا من آثار الوجوم والاحتجاز، صاح بها صيحة الغضنفرية: ما هذا يا صغيرتي؟!

أنا حاضر هنا إلى صغيرة مثل بناتي، فماذا أرى؟ شيخة أناديها يا «أم شولي»؟

وكان «شميل» يملك حريته كلها في الندوة، كأنه صاحب الدار وصاحبته هي الضيفة الزائرة فيه، فرفع عصاه ذات يوم على الخطاط المشهور «نجيب هواويني» ولم يدعه حتى أخرجه من الباب، وذنبه الذي استحق عليه هذا الطرد العنيف أنه كتب قصيدة كان الدكتور يلقيها ويقول فيها على ما أذكر:

ماذا دهاك وكنت دين سياسة

ورئاسة يا أيها الإسلام

فكتب الخطاط «الكسلان» بدل الإسلام، وثارت ثورة الدكتور على الرجل الذي يبلغ من غبائه أن يكتب في القصيدة الواحدة قافية بالنون بعد قافية بالميم، وأبى أن يكون لمثل هذا حق في حضور ندوة يحضرها من يقرءون ويكتبون!

وكثيرا ما كان «شميل» يحمل على «الأدباء» في عصره حملاته المنكرة، ويصيح بهم كأنهم حاضرون أمامه يخاطبهم ويخاطبونه: فضونا من غلبتكم يا أدباتية يا أولاد الكلب!

ناپیژندل شوی مخ