علما أن بين رجال القافلة إفرنجا ، سألاني عما إذا كان لدينا شيء من الطرائف لنبيعها لهما. ولكنني لما أجبتهما بأن ليس هناك ما يستحق شراؤه لهما ، ارتابا في صحة قولي ، وأمرا الكروان باشي بأن يتحرى ما في حقائبنا بحضورهما وفي أثناء التحري ، كان أحد الرؤساء المرافقين للأميرين لا يدع أعرابيا يدنو منها. وقد كان في رفقتنا رسام شاب ، وجد في حقيبته طائفة من الصور ، بعضها يمثل مناظر أرضية ، وبعضها صور أناس ، وغيرها صور غوان مرسومة إلى الخصر. فاختار السيدان الشابان عشرين من صور الغواني لا غير. فأردت أن أهديها إليهما ، لكنهما أفهماني أنهما يعرفان كيف يدفعان عما أخذا ، وخاصة السيد الأصغر ، الذي كانت تبدو عليه أمارات الجود والكرم. فإنني أفرحته بما لا يمكن وصفه ، ذلك أن أسنانه كانت متسخة جدا ، فطلبت من الجراح الذي كان يرافقني طوال أيام السفر أن ينظفها له ، ففعل ذلك بوجه أرضى الأمير الشاب وأدخل السرور إلى نفسه. فكان منهما أن أرسلا إلي وإلى حاشيتي أحسن ما لديهما من طعام ، وأهدى الكروان باشي إليهما نصف قطعة من القماش القرمزي وقطعتين من القماش الموشى بالذهب والفضة. ولما تأهبنا للرحيل ، أعطاني السلطان الشاب اثنتي عشرة دوكاة ( Ducat) (1 ) قيمة الصور. وبعث إلى الكروان باشي وإلي بقوصرتين من التمر ، وكان أجود ما وقع إلينا منذ أن فارقنا حلب.
وحوالي منتصف الليل ، تحرك الأميران ، واتجها شمالا نحو الفرات. فتحركنا وراءهما متجهين شمالا إلى النهر نفسه. وبعد مسيرة أربعة أيام ، التقينا بأمير ذي نفوذ عظيم في بلاد العرب ، كان آتيا من الجنوب ومتجها إلى الشمال ، وعليه أن يجتاز الطريق الذي سكلناه. كان هذا الأمير في حدود
مخ ۲۱