وجعل الهرمين مقبرة له ، ودفنوا معه أمواله ومن عهد الطوفان إلى اليوم لم ينقطع نسله ، وكان لذريته ملك مصر ، وملك مصر من ذرية نقراوش سبعون ملكا.
وفى زمن الطوفان بناء على ما سلف ذكره كان للملك (لفرغان)، وإن نقراوش المذكور وهو من أبناء مصرايم كان له كاهن يسمى (قليمون) وله طول الباع فى شتى العلوم ، حتى إنه استطاع بغزارة علمه أن يتنبأ بوقوع الطوفان على أنه غضب من الله ، وقبل الطوفان زايل جده وطنه مصر ومضى ليكون إلى جوار نوح فى الكوفة ، فشرف بالإيمان ، وسكن العراق مع أهله وعشيرته.
وكان بعد ذلك لنوح ابن يسمى «حام» ، وكان لحام ابن يسمى (بيطار)، وقد زوج قليمون الكاهن ابنته بيطار ، وبذلك تمت القرابة بنوح ، ولما حل زمان الطوفان ، ركب نوح وجميع من معه السفينة ، ونجى من الطوفان ، واستوت على الجودى بعد أربعين يوما ، وبعد الطوفان عمر نوح مدينة الجودى ، وهى الآن قصبة الجودى ، وتلقى قليمون الكاهن وصهره بيطار الأمر من (نوح) بالتوجه إلى إسوس التى بناها جده مصرايم ، وهى مصر القديمة ، وبعد قطع المنازل وطى المراحل كانت نجاتهما من الغرق ، وجعل بيطار يبحث عن طريق ، ونزلا بمكان بالقرب من مصر يسمى العريش وأقاما فيه ، والعريش فى اللغة العبرية بمعنى المقر أو المستقر.
وكانت قد غرقت فى طوفان الغضب ، وجلسا يستريحان فى ظل شجرة ، واقتضت حكمة الله تعالى أن يكون لبيطار هذا من ابنة الكاهن قليمون التى تسمى (زوزه) ولد وسمى كذلك مصرايم ، وكان مصرايم بن بيطار هو أول مولود ولد بعد الطوفان ، وأقاموا الأفراح فى العريش ، وبما أن ظل الشجرة موضع مبارك زينوا الشجرة بالثياب وانطلقا إلى بلبيس واستطابا جوها ومكثا فيها ، وقبل الطوفان كانت بلبيس مدينة السحرة ، ووجدوها خرابا وبعد ذلك مضوا إلى أرض مصر ولكنهم لم يجدوا فى مدينة أمسوس التى بناها مصرايم أثرا بعد الطوفان إلا ما فى مواجهة النيل من أهرام بناها إدريس للتعليم ، ولكى ينجوا من الطوفان دخلاها فغرق كل متاعهما فقالا لنبحث لنا عن وطن آخر ، فمضيا فى سفينة إلى منوف ووجدا فيها مكانا طيب الهواء ، وبجانبها
مخ ۴۹