ولما هبط آدم إلى الأرض نبت هذا العشب من منيه ، وإن قيل إنه ليس (شيث)، والقول الأرجح أنه هو ، لأن شيث من آدم وحواء كما أن (شيث) لم يشترك مع بنت فى الرحم لأن آدم قال : ( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) الأعراف : ، باسطا الرجاء إلى البارى تعالى ، طالبا لشيث حورية ، وسرعان ما جاء جبريل الأمين بحورية لآدم ، وقدمت زوجة (لشيث)، وفى ذلك العصر كان عقد النكاح كلمة (لا إله إلا الله آدم صفى الله)، ثم مضى (شيث) مع أنيسته إلى أرض حوران بالشام.
* 3
وهناك مكث مدة من الزمن وهذه الحورية يخطئون فى تسميتها حوران ، وهذا ما سلف ذكره فى مجلد سابق ، وكان مقرهما الأول سرنديب والمقر الثانى جبل عرفات ، أما مقرهما الثالث فمكة التى بلغاها بإذن من الله تعالى واستوطناها.
ومن أجل ألفة وأنس آدم أنزل الله تعالى قصرا من جنة المأوى إلى مكة واسم هذا القصر البيت المعمور ، وفى رواية أنه كان من الياقوت الأحمر ، وفى أخرى أنه كان من اللؤلؤ الأبيض ، وبعد الطوفان بينما كان الله يرفعه إلى الجنة ، انفصل عنه الحجر الأسود ، وقيل إنه اسود من ماء الطوفان ، وقيل فى إحدى الروايات ، أنه اسود من مسح العصاة وجوههم عليه ، ثم فرض رب العزة على آدم أن يطوف بالبيت المعمور هذا ، وقد علم جبريل الأمين آدم العبادة فيه ودام على تلك الحال طويلا وهو يسكن مكة.
ويذهب المؤرخون إلى أن آدم كان له أربعون ألفا من الولد وكان يطوف فى كل عام أبنائه حول البيت المعمور ويجعلهم يؤدون مناسك الحج ، ولكن تأذت نفسه كثيرا لأن مكة أرض غير ذات زرع ، فمضى إلى أرض مصر مؤتمرا بأمر الحق تعالى واستوطن شاطئ النيل ، فمصر هى وطنه الرابع فاشتغل بالزراعة وتحصلت له وفرة من الغلال بحيث كان من كل حبة قمح مائة سنبلة وفى كل سنبلة مائة حبة. وفى البداية دعى آدم مع كل أبنائه لمصر ، ودعا لهم بلسان عبرى إذ إن آدم حين هبوطه من الجنة نسى لغته العربية التى كان يتحدث بها فى الجنة بسبب عصيانه ، فعلمه جبريل الأمين كلمات
مخ ۳۹