فسمع صوتا يقول : وعليكم السلام يا صاحب السيف والقلم ، ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين وتردد هذا الصوت من القبر الشريف ، فأخذ العجب مأخذه من جملة الحضور وفى الوقت عينه قال كمال باشا زاده للسلطان سليم ، لقد بشرت يا مولاي بفتح مصر.
عقد سليم نيته على غزو مصر ، فتمنطق بالسيف فى ضريح أمير سلطان وقرأ كمال باشا زاده الفاتحة ومسح وجهه بيده ثم أدى الزيارة ، ومضى سليم إلى قصره وهناك جمع جميع علماء الترك ، وأهل الفتيا على المذاهب الأربعة ، فطلب منهم أن يفتوه فى فتح مصر ، وكان الطواش سنان باشا الصدر الأعظم آنئذ ، وعرض أربعين فتوى كانت قد جاءت من مصر ، وقرأ هذه الفتاوى علماء الترك ، وتبينوا ما جاء فيها ، وقالوا مادام علماء مصر وكبار أولياء الله فيها أفتوا بوجوب قتال الجراكسة فنحن أولى بهذا القتال.
وبعد ما ذكر أوليا جلبى فى كتابه مضمون الفتوى قال :
فحمل سليم سند الفتوى وفى الحال بعث باثنى عشر رسولا إلى السلطان الغورى فدخل هؤلاء الرسل إلى ديوان السلطان الغورى ، فقرأ السلطان الغورى رسالة السلطان سليم وفتاوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : لقد سبق للسلطان سليم أن قتل علاء الدولة بن ذي القدر وسبعين من أبنائه وأرستل إلينا أسرى مكبلين والآن دماؤكم فداء لهم ، ولقد أرسلكم إلى بحجة أنكم رسل ، وأمر بقتل عشرة منهم وأطلق سراح اثنين ، وسلمهم خطاب الأمان ، وفيها يقول : مادامت حيا لن أمكنك من دخول مصر وليكن اللقاء فى سهل مرج دابق عند حلب ، وإن كنت رجلا تعال إلى ميدانى ، وعندما تسليم سليم رسالة الغورى هذه استشاط غضبا ، فقال علماء الترك : لم يقتل سفراء الكفرة قط على مر العصور وإذا ما قتل سفراء المسلمين ، فقتل الغورى حلال ، فانهض يا مولانا لساعتك وخف إليه ولا ترفع يدك عنه.
وجهز السلطان سليم جيشه وخاض معارك ضارية ونجح فى هزيمة الغورى وضم بلاد الشام. ثم اتجه إلى مصر ودارت بينه وبين الجراكسة حروبا شرسة حتى مكنه الله فى نهايتها من ضم مصر لحوزة العثمانيين.
وأما النقطة الثانية التى وضحها أوليا جلبى ألا وهى الصورة المضيئة للعثمانيين فى
مخ ۳۰