جميع العلماء فى بيت الصوباشى واقتحم بيوت العلماء وأخرج كل ما فيها من أموال وأرزاق أمام الإمام الشافعى ، وانعقد الديوان فى الصباح وسلم الإمام الشافعى الصوباشى كل ما أشار إليه ، وقتل مائتين من مخالفى الإمام الشافعى من المتشيعين ، كما أن مائتين آخرين تابوا وأنابوا ؛ فجدد الإمام الشافعى مذهبه ، وبسبب من هذا ظهرت كتب الإمام الشافعى واسترد المذهب الشافعى اعتباره.
والآن فى مصر ثلاثمائة من الحراس يحملون الهراوات فى يدهم ومعهم اثنا عشر جلادا يفتحون بيت الصوباشى كل صباح ويحضر جميع خدامه ويدعون للإمام الشافعى على أنه برهم وسبب رفعتهم ، ثم يتجول ليل نهار لتعرف الأحوال ، ولا شك أنهم يجدون اللصوص والنشالين ، وكل لقطاء مصر مقيدون فى دفتر الصوباشى. وإذا كان الصوباشى يحكم حكما مطلقا فإنه بذلك يكون كالوالى ، وكل المجرمين يخشونه. وسواء كانوا مذنبين أو أبرياء قتلهم.
وهكذا كان هذا الرجل يستحل القتل كوسيلة لإصلاح العالم ، إذ لم يكن فى الإمكان السيطرة على الفلاحين فى مصر ، وكذلك من يدعون الولاية من مكحول العين ، ومن يحمل على رأسه سبحة ، والواعظ الذى يحمل المسواك ، مظهرهم هذا دليل بلههم ، ومشجع على اللصوصية والفوضى ، والحاصل أن كل ما ليس شرعيا يرتكبه علماء مصر حتى إنهم يبيعون ما أوقف منذ تسعين عاما على أن هذا الوقف يتوارث أبا عن جد ، وهكذا تسرق جميع أوقاف الله ، وكم من آلاف من دور القراء ودور الحديث والمدارس جعلوها بيوتا وعليه فلا بد لمصر من حاكم جبار وإذا ما غلت الأسعار () (1) فإن هذا يظل فى يد الحاكم وبناءا على قراره.
مخ ۱۱۰