لومړۍ سفر د سپینې سمندر چینو لټون لپاره: سپین نیل
الرحلة الأولى للبحث عن ينابيع البحر الأبيض: النيل الأبيض
ژانرونه
الخميس 26 شوال: كان الجو متلبدا بالضباب ساعة تحركنا للرحيل صباحا، وقد رأينا في جهة الشرق كثيرا من الفيلة وبعض الأشجار، وفي الغرب جملة أكواخ تحيط بها الأشجار. وفي الساعة الرابعة بينما كنا متجهين نحو الشرق حيث يوجد بعض الأكواخ إذا برجل وامرأة كانا يسيران على الشاطئ، فلم نستطع أن نقف منهما على شيء بالرغم من الأسئلة العديدة التي وجهناها إليهما. وفي الساعة التاسعة رأينا في جهة الغرب عدة أكواخ، فاستولينا على ثلاث نساء وجهنا إليهن الأسئلة برفق، فكان كل ما استطعن قوله إنهن زوجات رجال قتلهم حزب من النويريين. ولمحنا في ناحية الغرب مستنقعا، وبعد أن قطعنا جزءا من الطريق التقينا بمستنقع آخر أقل من الأول اتساعا.
وفي المساء شهدنا في الشرق جملة أكواخ، فدنونا بدون أن يستشعر بنا أحد من ست نساء طاعنات في السن كن على شاطئ النهر يعولن وينحن بلغتهن رافعات وجوههن نحو السماء، وما زلنا ندنو منهن حتى أدركناهن ففهمنا من إجابتهن على أسئلتنا إليهن أنهن من قبيلة الكيك، وأننا سوف نجد أمامنا جبلا هضبته شديدة الخصب، فأخلينا سبيلهن. ولم نستطع أن نحقق إذا كان المستنقعان اللذان التقينا بهما في طريقنا ناشئين عن النهر أو عن مياه الأمطار، على أننا لو تصدينا لهذا التحقيق لما خرجنا منه بفائدة يحسن الوقوف عليها، لأن الخيزران والبوص ومن تحتهما الطين موغلان في النهر بمقدار ميل تقريبا. وسكان الأكواخ القائمة على ضفتي النهر يعيشون من صيد الحيوانات التي تعيش في الماء وعلى الأرض ، وهذا هو سبب العثور على كثير من بقايا هذه الحيوانات في الأكواخ. وكنا في أثناء سيرنا طول النهار نرى الدخان متصاعدا شرقا وغربا. وكثير من المساكن كائن على مسافة ستة أميال من الشاطئ. وبما أننا بينا في الجدول الزمن الذي رأينا فيه تلك الأكواخ وذينك المستنقعين، فلا فائدة في تكرار القول هنا عنها. وضفتا النهر محفوفتان بالخيزران والبوص والأدغال. وقد ألقينا المراسي في هذا المكان.
الجمعة 27 شوال: استأنفنا السير في الطريق فلمحنا في جهة الشرق بحيرتين صغيرتين، وفي الغرب بعض الأكواخ.
وفي الساعة الثالثة رأينا من ناحية الشرق أيضا بعض أكواخ، فتقدم نحونا جملة من الرجال والنساء رافعين الأيدي نحو السماء كالمبتهل، وقالوا عنا إننا رسل من عند الله، وكان معهم عجل. وكل ما استطعنا أن نفهمه من صياحهم وحركاتهم أنهم يدعوننا إلى قبول العجل، فلما دنونا من مساكنهم طمأنهم ترجماننا محمد قائلا ألا يخشوا منا أذى، وإننا نطلب منهم أن يبعثوا إلينا بشيخهم، فما هي إلا برهة حتى حضر إلينا فعلمنا منه أن السكان في هذا المكان من قبيلة الكيك، فأهديناه بعض المصنوعات الزجاجية. فلما شهد ذلك أتباعه اطمأنوا واحتشدوا حتى بلغ عددهم 500 نفس وكانوا عزلا من السلاح، فأحاطوا بنا على النهر، فأمر الشيخ رجاله بإحضار ثماني بقرات. وقد جاوبنا على أسئلتنا بأنه يوجد في وسط النهر جبل شديد الخصوبة، وأنه لا يستطيع أن يرشدنا إلى شيء عن سكانه، ثم قال إن فيما يلي هذا الجبل قبيلة أخرى، فسألناه عما إذا كان أحد رجاله ذهب إلى ذلك الجبل أو عرف شيئا عنه، فأجابه بأن لا أحد من رجاله ذهب إليه لأن القبائل التي تسكنه معادية بعضها لبعض، ثم قال إنه خصم لدود لتلك القبائل، فإذا وقع يوما في أيديهم فلا خلاص له منهم، وإن هذا هو السبب في جهله أحوالهم إلا ما اتصل به سماعا من الناس، فسألناه عن ديانته فقال إن لهم يوما معينا يجتمعون فيه حول شجرة ليقوموا بفروض دينهم. ثم جيء بالثماني البقرات فذبحت ووزعت بين العساكر . وكان الخمسمائة نفس من الأهالي الرجال والنساء والأطفال الذين احتشدوا على ضفة النهر يبتهلون إلينا بلغتهم على اعتقاد أننا رسل من عند الله، فلما شهدنا ذلك أرسلنا إليهم الترجمان محمدا ليقول لهم إننا جئنا هنا بأمر من الله القوي المتعال لمعاقبة القبائل العاصية وحماية القبائل الطائعة.
وفي الساعة السابعة تحركنا للمسير. وفي الساعة الحادية عشرة رأينا مستنقعا في ناحية الشرق. وضفاف النهر بهذا المكان كثيرة البوص والحمصوف والخيزران كما في غيره. وقد ألقينا المراسي لانتظار القوارب المتخلفة وقضاء الليل.
السبت 28 شوال: زايلنا مكاننا قبيل الفجر. ففي الساعة الثانية رأينا في جهة الشرق بعض الأشجار، وفي الساعة الثالثة منعتنا الكردة واشتداد الريح من قطع ما كنا نود قطعه من المسافات. والتقينا في الطريق بثلاث بقرات كن طافيات على وجه الماء، ولا شك أن رجال الكيك هم الذين ألقوها في الماء فأخذناها واقتسمها العساكر بينهم، ثم دنونا من الشاطئ لجر القوارب باللبان بسبب الكردات. ونظرنا أشخاصا كانوا يرمقوننا من بعيد، فاستدعينا أحدهم لنستفهم منه عن مجرى النهر وموضعه، فلم نتمكن من إفهامه مرادنا. على أننا حينما سألناه عن سبب إلقاء قومه للبقرات الثلاث في الماء، قال إنهم اعتبرونا مبعوثين من عند الله فخشوا بأسنا، ثم جاء إلينا ببقرة رابعة فأخلينا سبيله بعد أن أعطيناه شيئا من المصنوعات الزجاجية. ومع أننا أنزلنا إلى البر شرذمة من العساكر لحماية الرجال الذين يجرون اللبان، فإننا لم نكد نصل إلى طرف الكردة حيث كانت الساعة الخامسة حتى برز لنا أكثر من أربعمائة إلى خمسمائة رجل من قبيلة الكيك مسلحين بالرماح والنبال، فمنعوا رجالنا من المرور قائلين لهم إنهم لا يجوز لهم الذهاب إلى أبعد من النقطة التي وصلوا إليها، فأخذ ترجماننا محمد يبين لهم حقيقة الأمر ويطمئن خواطرهم فلم يتمكن من إقناعهم ووقفوا وقفة المتأهب لمقاومتنا، فتدبرت في الأمر وقلبته على وجوهه فكان من نتيجة ذلك أن أمرت سليمان كاشف والقائمقام رستم أفندي بالنزول إلى البر في العدد الكافي من العساكر، إلا أننا لما زحفنا عليهم وقتلنا البعض منهم بدون أن يلحقنا أقل أذى رأينا سوادهم الأعظم يلتمس الفرار أمامنا، فطاردناهم حتى بلغنا إلى أكواخهم حيث أخذنا ثمانيا من نسائهم وبناتهم ومقدارا عظيما من مواشيهم. ولكن لما حرنا في أمر المسبيات وكنا نعلم أن الاسترقاق يخالف نيات صاحب السمو مولانا، فقد أعطينا هذه النسوة شيئا من الهدايا، وأفهمناهن أننا كنا نريد معاملة أعدائنا بمثل ما عاملناهن ثم أخلينا سبيلهن. وقد اتضح لنا أن عادات القوم كعادات الشلك، أي إنهم يقضون الليل في البحيرات ويتحلون بالدمالج من سن الفيل أو النحاس أو الحديد، أما لغتهم فأقرب إلى لغة الدنكا، وهم يعتاضون عن الختان بخلع ثلاث من أسنانهم، وقوام غذائهم الذرة والسمسم والقرع، وهم يزرعون هذه الحاصلات في مساحات كبيرة من الأرض، ويقتنون الكثير من البقر والثيران والغنم والماعز. ثم جاء إلينا الأشخاص الذين ألقوا في النيل البقرات الثلاث التي التقطناها في الصباح ومعهم ثلاثة عجول، فسألناهم عن سبب مهاجمة الأهلين لنا فأجابوا بأنهم في الحقيقة من رجال القبيلة، ولكنهم من الأشقياء الذين يخشى سوء فعالهم لأن مساكنهم بعيدة عن النهر. وقد ألقينا مراسينا في هذا المكان حيث قضينا الليل.
الأحد 29 شوال: كان الطقس ساعة رحيلنا صباحا ينذر بهطول الأمطار وتكاثف الضباب. وقد شهدنا على ضفتي النهر وقت مرورنا كثيرا من الناس يبذر بعضهم الأرض ويبسط الآخرون أيديهم إلى السماء صائحين بقولهم إننا لمبعوثون من عند الله. وكانوا يريدون تقديم الماشية إلينا ويدعوننا بالإشارة إلى أخذها، ثم ألقوا في الماء جملة من صغار الماعز. وفي الساعة الخامسة شهدنا في ناحية الغرب كوخين كبيرين تحيط بهما مواش كثيرة. وفي الساعة السابعة رأينا إلى يميننا وشمالنا بحيرتين، فالتي إلى يميننا محاطة بكثير من الأشجار، والتي إلى يسارنا على سواحلها الكثير من البط ومالك الحزين. وهذه البحيرة مجاورة للنهر، وقد ذهب سليمان كاشف وإبراهيم أفندي لتحقيق أمرها، فوجدا أن عمقها لا يزيد على ربع المتر إلى ثلاثة أرباعه، وعقب عودتهما استأنفنا الطريق، فرأينا في الساعة الحادية عشرة بناحية الشرق بحيرة أخرى غطى البط سطح مائها. ويحف بالنهر في هذا المكان الكثير من الحمصوف والبوص والخيزران، وكان الطقس معتدلا والوقت موافقا فأخذنا ارتفاع الشمس وألقينا مراسينا.
الاثنين أول ذي القعدة: زايلنا مكاننا مبكرين، فشهدنا بجهة الغرب ثلاث حلل كبيرة تحيط بها بقرات كثيرة، وما هي إلا لحظة حتى برز جملة أشخاص ألقوا في الماء بقرتين، ثم نكصوا على الأعقاب هاربين. وفي الساعة الثانية هبت الريح من الشرق، والتقينا في الطريق بكردة تخلف بسببها بعض القوارب، فقررنا لصد مقاومة الكردة التحول إلى الضفة الشرقية لجر القوارب باللبان، وأخرجنا لحماية الذين يجرون اللبان شرذمة من العساكر المسلحين، ولكننا لم نلبث أن رأينا نحو أربعمائة إلى خمسمائة رجل من قبيلة الكيك يتقدمون نحونا حتى صاروا ممن يجرون اللبان قيد عشرين خطوة، ففهمنا من النظر إلى حركاتهم أنهم يريدون بنا سوءا وأنهم يقصدون الهجوم علينا، فأنذرناهم على لسان ترجماننا محمد بأنهم إذا لم يخلوا لنا السبيل فلا بد من إنزال العقوبة بهم، ولكنهم أبوا إلا التمادي في طغيانهم والإصرار على البغي والعدوان، فبعد النظر في الأمر أمرت سليمان كاشف والقائمقام رستم أفندي بالنزول إلى البر في مئتي جندي من الحرس الخاص، فما هي إلا بضع طلقات أطلقها هؤلاء من بنادقهم حتى قتل من الأعداء الجم الغفير والتمس الباقون الفرار، وفي الأثناء استولينا على بعض الماشية وقسمناها بين الجنود الظافرة. وفي الليلة السابقة نفذ الماء إلى أحد القوارب فلحق العطب بمؤن العساكر، وإذ كانت الضرورة ماسة إلى تجفيفها فقد قررنا الوقوف في هذا المكان حيث كانت الساعة الثامنة.
ولقد أدركنا شيخ القرية التي قهرنا أهلها على أثر مظاهراتها العدائية نحونا، ومعه جملة من الرجال والنساء عزلا من السلاح وكانوا يسحبون خمس بقرات، فقال لنا بلغته إننا لرسل من عند الله، ودعا لنا كما يدعو المرء لكائن فوق العادة. فبعد أن عفونا عن أولئك الأشخاص ووافيناهم بالهدايا والتحف قلنا لهم إننا جئنا إلى هذا المكان بأمر من الله تعالى، وإذ كانوا من العصاة المعاندين فقد حاق بهم العذاب . ثم سألنا منه أن ينذر القبائل التي في طريقنا بالإمساك عن الاقتداء بقبيلته التي أنفذت رجالا منها مسلحين لاعتراضنا في الطريق، وإلا عاملناهم بمثل ما عاملونا به، فتعهد بذلك مقسما برأسه وعينه وقصد من فوره إلى كوخه. ثم جاء فريق من الضفة الغربية ليقدموا إلينا ثلاث بقرات، فما كان أعظم دهشتنا حينما علمنا أن قدوم هؤلاء الناس علينا إنما كان نتيجة النصيحة التي أسداهم الشيخ إياها. ورأينا من جهة الغرب مستنقعين ثم مستنقعا ثالثا تحيط به الأكواخ. وضفتا النهر في هذا المكان يحف بهما الحمصوف والبوص والخيزران. وفيه ألقينا المراسي لقضاء الليلة.
الثلاثاء 2 القعدة: بكرنا بالمسير فرأينا قبيل الساعة الثالثة في جهة الشرق أكواخا قد أقبل سكانها عزلا من السلاح ليهدوا إلينا بعض الحيوانات، فلم نلبث أن قسمناها بين العساكر. وقد أصيبت دفتا الذهبية الثالثة وإحدى الفلايك بعطب خفيف تسبب عن شدة الرياح، فوقفنا في هذا المكان لإصلاحهما. وفيه أقبل أولئك السكان أنفسهم ومعهم عدد عظيم من النساء، وكانوا جميعا عزلا من السلاح فقدموا إلينا الشيء الكثير من عجول البقر والماعز وجرار اللبن وسني فيل، وكانوا يسموننا في لغتهم برسل الله ومبعوثيه، ثم قاموا بحركات أرادوا بها العبادة إذ أخذوا يسجدون أمامنا، فأعطيناهم شيئا من المصنوعات الزجاجية، وعممنا بعضهم بقطع من قماش أنقرة - أي بالشيلان - فانطلقوا يطوفون على الباقين، وبأيديهم هذه القطع يمرون بها على وجوههم وأعينهم ويقبلونها مظهرين إشارات السرور والفرح، ولقد تسلمنا منهم ما يكفي من الماشية لغذاء العساكر، ولكننا لم نقبل شيئا من سمنهم لأنه كان لفساده كريه الرائحة. وعلى أثر ذلك استأنفنا الطريق، فبعد أن سرنا قليلا ارتطم أحد أفراس البحر بالذهبية الثالثة، فأحدث بها فتحة أخذ الماء ينفذ منها إلى داخلها، فاضطررنا إلى الوقوف لإصلاح العطب. وقد قدمت إلينا في الأثناء من أهل الضفة بقرتان صغيرتان فلم نقبلهما لاستغنائنا عنهما، فأحزن أصحابهما هذا الرفض. ويظهر أن الأراضي الفسيحة التي مررنا بها على مدى ميلين أو ثلاثة أميال من النهر في غاية الخصب. وقد اعترضتنا صعوبات كثيرة بسبب الكردات، وقاع النهر في هذا المكان رملي وضفافه مغطاة بالحمصوف والبوص والخيزران. وعند غروب الشمس ألقينا المراسي وسط النهر.
ناپیژندل شوی مخ