يجد القارىء هذا الفكر خيالا (1)، ويصعب عليه أن يرى في تلك الصحراء حياضا وجنانا ، وروحا وريحانا ، وهذا كله خطأ في خطأ ، أو استخذاء في الهمم.
فالأوربيون احتلوا بلدانا كثيرة من أفريقية وآسية ، هي في الحرارة مثل مكة ، ومنها ما هو أشد حرارة من مكة ، وترى هذه البلدان الآن بفضل العلم والفن والدأب والثبات غير ما كانت [عليه] من قبل ، قد بدلت فيها الأرض غير الأرض ، وقد خفت فيها الحرارة درجات عما كانت ، بما أسالوا إليها من مياه ، وما غرسوا من أشجار ، وما أحدثوا من مروج خضر ، وما أزالوا من غبار ، وهكذا صارت قابلة للسكنى ، وصار كثيرون من الأوربيين يقيظون فيها بسهولة ، وذلك أنهم سألوا العلم فأجابهم ، واستدروا ضرع الفن فجاد عليهم ، واعتصموا بحبل الثبات فأورثهم الثبات نباتا ، وتغلبوا على الطبيعة ، وخففوا بأسها ، ونعموا حرشتها (2).
** ونحن باقون على ما كنا عليه في القرون الوسطى أو قريب ، من ذلك
، نجد كل تغيير بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وننسى أن من البدع بدعا مستحسنة لا بد منها ، وأن الضلالة كل الضلالة هي الجمود على القديم ، الذي لا قوة له
مخ ۶۰