رحله فی زمان نوبه
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
ژانرونه
4
تلقي أضواء على اللغة وتاريخ الاستيطان معا، وهما ينتقدان فكرة تسيلارتز التي ترجح وطنا أصليا للنوبيين في كردفان، ومنه انتقلوا في هجرتين: إحداهما إلى شمال كردفان ثم وادي النيل في إقليم النوبة، والثانية إلى جبال النوبا في جنوب كردفان الأقصى، وكذلك يرى الكاتبان أن علاقة الكنوز والدناقلة كانت لفترة محدودة؛ مما يصعب معه تفسير التقارب اللغوي بينهما. ويرى كل منهما أن سكان كل النوبة كانوا في فترة تاريخية ما، يتكلمون لغة واحدة؛ هي الأصول التي اشتقت منها اللهجتان الكنزية والدنقلاوية.
وذلك على عكس رأي جرينبرح 1971، الذي يرى أن اللغة النوبية القديمة هي شكل سابق للهجة المحس-الفديجة؛ بمعنى أن الكنزية والدنقلاوية أحدث من المحسية.
ويفترض ميليت لتفسير ذلك وجود جماعات «نوبية» اللغة، تسكن الصحراء الغربية قرب إقليم دنقلة، تأثرت إلى حد ما باللغة المنطوقة في مملكة مروى حينما نزحوا إلى وادي النيل في القرن الثاني أو الثالث ق.م، وأخذت هذه الجماعات الجديدة في الضغط شمالا حتى النوبة السفلى التي كانت شبه خالية من السكان آنذاك - عهد البطالمة؟ انظر الجدول (
1-1 ) التأريخي - ويستطرد ميليت أن النوباتي الذين دخلوا النوبة في نحو القرن الثالث الميلادي انتشروا أولا في شمال النوبة المصرية، لكنهم لم يلبثوا أن استوطنوا وسط النوبة، وهو الإقليم الأكثر غنى؛ أي إنهم أزاحوا السكان الأصليين أو استرقوا من بقي منهم، وبذلك انفصل الكنوز عن الدناقلة، وهؤلاء النوباتي كانوا يحملون معهم مؤثرات من بربر الصحراء الغربية، وإنهم كونوا أصول مجموعة المحس اللغوية.
أما متى تم انفصال اللغتين الكنزية والمحسية، فإن بروس تريجر يقترح زمنا لذلك في نحو منتصف القرن التاسع الميلادي بزيادة أو نقص قرنين من الزمان؛ أي في نحو 650م أو أوائل القرن الحادي عشر الميلادي.
5
أما هرتزوج فيرى أن سكان النوبة منذ عصر مجموعة (ج) الحضارية؛ أي تقريبا منذ عهد الدولة الوسطى في مصر، قد أصبحوا شعبا خليطا نتيجة ضغط المجموعات الزنجية المستمر - الذي توجد له إشارات في السجلات المصرية منذ الدولة الوسطى - وأنهم كانوا يتكلمون أصول اللغة النوبية؛ بدليل وجود كلمات مصرية قديمة في اللغة النوبية، وأن النوبية قد تأصلت بدخول المسيحية التي استمدت الكثير من مركبها الحضاري من مصر، وخاصة نتيجة لكتابة لغة الكنيسة، وفي القرن العاشر بدأ تداخل القبائل العربية، وخاصة ربيعة والعليقات الذين استقروا في منطقة وادي العرب خالصة لهم، وكذلك كان التداخل نتيجة لزواج العرب من النوبيين الذين كانوا يمارسون شكلا من نظام حق الأم - نظام الوراثة في خط الرحم - مما ساعد على تسرب الدماء العربية واعتداد النسل الجديد الناجم عن هذا الزواج بأصله العربي بحكم نظام النسب الأبوي العربي، ولكن ذلك لم يقض على اللغة الأم بحكم نشأة الأطفال مع أمهاتهم.
وفي القرن 16 نشأت مملكة الفنج العربية في السودان الأوسط، وبسطت نفوذها على إقليم دنقلة فزاد استعرابه، وظل باقي النوبة من أسوان إلى بلاد المحس تابعة لمصر العثمانية، ونجم عن إنشاء الحاميات العثمانية وتزاوج جنودها بالنوبيات تأثير لغوي، أدى إلى تكوين مجموعة المحس اللغوية من بلاد المحس جنوبا حتى كورسكو شمالا؛ وبذلك انفصلت الكنزية عن الدنقلاوية، وكلتاهما وقعتا أيضا تحت تأثير لغوي عربي، بداية من القرن العاشر «الكنوز» والقرن 14 «الدناقلة».
ولكل من الرأيين وجاهته، ويشتركان معا في أن المجموعة اللغوية الكنزية الدنقلاوية هي الأقدم، بينما تشكلت المجموعة المحسية فيما بعد فاصلة - هي وعرب العليقات - بين الكنوز والدناقلة. •••
ناپیژندل شوی مخ