د زکی نجیب محمود پوهنې کې سفر
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
ژانرونه
38
فهذه القضية التي تشغله، قضية الدمج بين الأصالة والمعاصرة، هي التي سوف تشكل لنا «المسلم الجديد»، الذي يكون مسلما يؤدي فرائض الدين ويقوم بأركانه، ثم «يسعى إلى قوة العلم في أحدث صوره، يسعى إليه من أبوابه ومن نوافذه، ومن كل ثقب إبرة يوصله إلى تلك القوة ...»
39
وكانت هذه المشكلة هي السؤال الكبير الذي طرحه أستاذنا في مقدمة كتابه «تجديد الفكر العربي»، كيف نوائم بين ذلك الفكر الوافد الذي بغيره يفلت منا عصرنا أو نفلت منه، وبين تراثنا الذي بغيره تفلت منا عروبتنا أو نفلت منها ...؟! إنه لمحال أن يكون الطريق إلى هذه المواءمة هو أن نضع المنقول والأصيل في تجاور، بحيث نشير بأصابعنا إلى رفوفنا فنقول: هذا شكسبير قائم إلى جوار أبي العلاء، فكيف إذن يكون الطريق؟ كيف السبيل إلى ثقافة موحدة متسعة يعيشها مثقف حي في عصرنا هذا، بحيث يندمج فيها المنقول والأصيل في نظرة واحدة؟!
40
وفي استطاعتنا أن نقول إن جهوده لا في «تجديد الفكر العربي»، ولا في «المعقول واللامعقول»، وحدهما، بل في كل ما كتبه قبل ذلك وما كتبه بعد ذلك ... إنما استهدفت الإجابة عن هذا السؤال الكبير، الذي فرض نفسه علينا طوال أمد ليس بقريب.
41
فقد فرضت هذه المشكلة نفسها على مثقفي العالم العربي، منذ اللحظة التي شعر فيها هؤلاء بوجود ثقافة ذات طابع عالمي، تجتاح الجو الفكري للبلاد العربية، ويتعين تحدي علاقاتها بالثقافة الموروثة عن الأسلاف.
42
وإن شئنا تحديدا أكثر قلنا إنها المشكلة التي أصبحت تمثل قطب الرحى في نهضتنا الحديثة، منذ جاءت الحملة الفرنسية على مصر ووصلت شواطئ الإسكندرية عام 1798م؛ أي قبيل فاتحة القرن التاسع عشر بسنين، وكان مع الحملة جماعة من العلماء الفرنسيين المتخصصين في ميادين علمية مختلفة، فكان ما صنعه أولئك العلماء أن استدعوا علماء الأزهر الشريف، جماعة بعد جماعة، ليطلعوهم على عجائب العلوم الجديدة؛ من ذلك مثلا، أن يوقفوهم صفا مشتبكي الأيدي جارا مع جاره، ثم يمسون الواقف في أول الصف بسلك مكهرب، فتسري رعدة الكهرباء في جميعهم، فأما هم فيأخذهم العجب، وأما العلماء الفرنسيون فيأخذهم الضحك! ولقد حدث يوما أن اغتاظ من تلك الألاعيب الصبيانية أحد الشيوخ، فقال لهم ما معناه: هل في علمكم الجديد ما يجعل إنسانا موجودا هنا وموجودا في بلاد الغرب في وقت واحد؟! فأجابوا بقولهم أن ليس في علومهم ذلك لأنه محال، فرد هو قائلا: لكن ذلك ممكن في علومنا الروحانية.
ناپیژندل شوی مخ