د زکی نجیب محمود پوهنې کې سفر
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
ژانرونه
45
الثانية:
أن هذه المرحلة الأولى لم تتضمن فحسب بذور المرحلة الثانية، بل تضمنت أيضا بذور المرحلة الثالثة! فهو يروي عن نفسه أنه كان في هذه المرحلة المبكرة من حياته: «عقلا يبحث لنفسه عن طريق، وظل يبحث خلال أعوام الثلاثينيات ... وينتظر الجواب: أليس من سبيل يجمع عدة أطراف في رقعة واحدة؟ يجمع العلم والدين والتصوف والحرية؟ أليس ثمة سبيل يجمع مادة إلى روح، ويجمع عقلا إلى غريزة ...؟»
46
ومن ثم فسوف يكون من الضلال أن نتصور أن المراحل التي مر بها مفكرنا الكبير، كانت مراحل منفصلة لا يسري فيها جميعا خيط واحد، ولا تضمها شخصية واحدة، وإنما العكس هو الصحيح، فقد تجمعت في هذه العبقرية الفذة الكثير من البذور الخصبة في فترة مبكرة، وظلت تعتمل في نفسه، يظهر بعضها واضحا في مرحلة ويتوارى بعضها الآخر، وإن ظل في حالة كمون، حتى اكتملت ونضجت في المرحلة الأخيرة التي ظهرت بوضوح في السنوات الخمس التي قضاها في جامعة الكويت: «وهناك في جامعة الكويت وجد الفرصة سانحة لأداء ما كان شديد الرغبة في أدائه؛ وهو أن يتعقب طريق «العقل» في تراث العرب الأوائل؛ لأنه كان على يقين من رجحان العقل في كثير مما شغل به السلف، من مشكلات تتصل بالحياة الثقافية، وإذا كان ذلك كذلك فلا يبقى علينا إلا أن ندعو المعاصرين، من أبناء الأمة العربية إلى مواصلة السير في طريق الأجداد ...»
47
وكانت تلك هي المرحلة الثالثة.
ولهذا فإننا نراه يشبه تطوره الروحي بنمو الشجرة التي تكون بذرة تضرب بجذورها في الأرض فيخرج منها الساق، وتنمو الأوراق إلى أن تزهر، فإذا كان قد تأثر بالحضارة الغربية، في المرحلة الثانية من تطوره؛ فالسبب «أن الشجرة نقلت إلى الأرض الغربية، وإرهاصات الأزهار كامنة في أصلابها، فإذا كان للتربة الغربية فضل عليها؛ فهو فضل الإسراع نحو النضج لما كان، قبل ذلك، قد اختمرت خمائره، وما أكثر ما يستهين الإنسان بالبذرة الضئيلة، متناسيا أنها تحمل في جوفها شجرة قوية الجذع، متشابكة الفروع، غزيرة غنية الثمر، لم يكن ينقصها إلا أرض تمدها بالغذاء، وسماء تسقيها الماء، ومناخ يجود عليها بالهواء الطلق والضياء الهادئ ...»
48
الفصل الثاني
ناپیژندل شوی مخ