قد يكون بدء مشوار مهني في مجال تصميم الأزياء أمرا مخيفا، لكن إذا كان لديك شغف وحب للأزياء، فعليك ألا تدع أي شيء يعوقك. إن هذا الكتاب ممتع ومفيد للغاية؛ لأنه يستعرض بالتفصيل حالات النجاح والفشل التي يجب على الكثير منا المرور بها في عالم الموضة من أجل تأسيس شركاتنا والحفاظ عليها؛ فيمكن للمرء أن يتعلم من أخطاء غيره بنفس مقدار ما يمكن أن يتعلمه من نجاحاته. ربما تكون خبرتنا الجماعية بوصفنا مصممي أزياء أفضل معلومات يمكنك الحصول عليها؛ وهذا ما سيجعل هذا الكتاب شديد الأهمية بالنسبة إليك.
عندما بدأت عملي، لم تكن ثمة وصفة للنجاح، وأنا الآن أرى أن العمل في مجال تصميم الأزياء لا يتطلب شغفا فحسب، بل كثيرا من المعرفة العملية أيضا. وقد كان أحد أهم الأمور التي اكتشفتها في حياتي العملية أنني أستطيع تصنيع الأزياء التي أصممها في حي الموضة بمدينة نيويورك، ولولا المصانع الصغيرة التي دعمتني دون انتقادي أو تحديد حد أدنى للكميات التي يمكن أن تصنعها لي، لم أكن لأصل إلى المكانة التي وصلت إليها الآن. إن هذه المصانع ما زالت تعمل هنا في نيويورك ويمكنها أن تساعدك في بدء مشروعك وإرشادك لاجتياز المصاعب التي ستواجهك على طول الطريق.
لهذا الكتاب قيمة كبيرة؛ نظرا لكونه يسرد كيف ارتكبنا - نحن المصممين - أخطاء كبرى، ومن أين اقتنصنا أهم الفرص في حياتنا. ويمكن لقصصنا أن تساعدك في تجنب العثرات واغتنام الفرص. ويكشف هذا الكتاب العوامل الأساسية لتحقيق النجاح، بما في ذلك كيف يستطيع المرء الاستمرار عندما لا تسير الأمور على ما يرام، وكيف يتصرف عندما تسير على ما يرام. في الواقع، أنا أحسدك؛ فأنا أتمنى لو كان لدي مثل هذه المعلومات العملية القيمة عندما كنت في بداياتي. لكن بما أن جميع المعلومات والمصادر التي تحتاج إليها أصبحت الآن متوافرة في هذا الكتاب، فما عليك إلا أن تبادر وتسعى لتحقيق أحلامك. لقد حان دورك الآن؛ فهل أنت مستعد لكي تصبح مصمم أزياء؟
نانيت ليبور
مقدمة
عندما كنت طالبة في المرحلة الثانوية، حصرت اختياراتي المهنية في احتمالين، وتدربت في مجالي الموضة وعلم نفس الطفل؛ حتى أحدد أفضل مجال منهما يناسبني. ورغم عشقي الاستثنائي للأطفال وبراعتي في مساعدة الناس، شعرت بأن شغفي الحقيقي هو عالم الموضة. وتساءلت إن كان حصولي على درجة علمية متخصصة في هذا المجال قد يعيقني إذا ما قررت في مرحلة معينة من حياتي المهنية أن هذا المجال ليس مناسبا لي. أذكر أني تحدثت مع جدتي بشأن تلك المخاوف، فسمعت صوت جدي من الغرفة المجاورة، الذي استمع إلى حديثنا مصادفة، يقول لي: «ليزا، هل تحبين مجال الموضة؟» فقلت له: «أوه، أجل، أجل يا جدي، أحبه.» فقال لي: «إذن تخصصي فيه. وافعلي ما تحبينه.» وبعد حصولي على نصيحته المباشرة هذه، اقتنعت أكثر بأن الأزياء هي الاختيار المناسب لي، ولم أنظر إلى الوراء قط منذ ذلك الحين.
سمح لي وجود فكرة محددة المعالم لدي عما أريد التخصص فيه خلال المرحلة الثانوية؛ بالتركيز على اختيار برنامج دراسة الأزياء المناسب. وانتهى بي الحال إلى الالتحاق بجامعة ولاية فلوريدا، وهي جامعة احتل برنامجها الدراسي الشهير للأزياء في ذلك الحين المركز الخامس على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية. واشتمل جزء من المنهج الدراسي على تدريب إجباري، خضعت له في السنة النهائية لي بالجامعة؛ فاخترت متجر نيمان ماركوس، ومقره بال هاربور، وهي قرية ساحلية يسكنها أصحاب الدخول المرتفعة في ميامي، بولاية فلوريدا. عملت في الترويج البصري، وكان من الممتع الوجود في مثل هذه البيئة المترفة والعمل لدى متجر بيع بالتجزئة متخصص بهذا الحجم. أتذكر رغبتي الدائمة في رسم أفكار كانت تخطر لي وأنا أجلس يوما بعد يوم في مثل هذه البيئة الرائعة الملهمة؛ فقد كنت محاطة بملابس رائعة لمصممين كبار، وواجهات عرض جذابة، وزبائن موسرين، وفريق عمل ذي موهبة استثنائية.
وبعد تخرجي بوقت قصير، قررت الانتقال إلى نيويورك حتى أتابع مسيرتي المهنية في مجال الأزياء. وصلت إلى هناك في صيف عام 1994، وكان هذا أحد أفضل القرارات التي اتخذتها في حياتي. وطوال فترة عملي في مجال الأزياء التي امتدت إلى 20 عاما، حظيت بأمتع وأروع رحلة في حياتي؛ إذ شاركت في اجتماعات تصميم مع السيد رالف لورين، واخترت أقمشة لملابس المشاهير الذين يحضرون حفلات توزيع جوائز إيمي ويظهرون على أغلفة المجلات، وتعاونت مع شون كومز في توفير أقمشة فاخرة من جميع أنحاء العالم من أجل عرض أزياء خريف عام 2008 لملابس الرجال في أسبوع مرسيدس-بنز للموضة في نيويورك (وهو ما جرى تصويره في فيلم وثائقي لقناة إم تي في)، وحضرت فعاليات رسمية مليئة بالنجوم، وقابلت كثيرا من الخبراء المشاهير في عالم الموضة. وقد تعلمت من خلال التجربة ما علي فعله أو عدم فعله في كل موقف يمكن تخيله، وأصبحت خبيرة في أدق تفاصيل صناعة الموضة. ونظرا لمعرفتي، من واقع التجربة، بصعوبة معرفة خبايا هذا المجال، أصبحت متحمسة لمشاركة معرفتي مع الآخرين الذين يبدءون رحلتهم في الطريق نفسه. وأردت عرض المعلومات بأسلوب واقعي يخلو من الثرثرة، بحيث يعطي مصممي الأزياء الطموحين فكرة محددة وواضحة عن ماهية صناعة الموضة وما المتوقع حدوثه في مسيرتهم.
يتسم هذا الكتاب بأنه كتاب فعال وشامل؛ إذ يقدم رؤى غير مسبوقة من داخل المجال من أكبر مصممي الأزياء، والعالمين ببواطن الأمور في هذه الصناعة والمديرين التنفيذيين البارزين، وكذلك نصائح خبيرة بشأن كيفية بدء مسيرة مهنية في مجال تصميم الأزياء. سيأخذك الكتاب خطوة بخطوة عبر هذه العملية وسيصبح المرجع الذي تعتمد عليه في هذا الصدد. وسواء أكنت لا تزال تفكر في العمل في مجال تصميم الأزياء أم قررت بالفعل أن تصبح مصمما للأزياء، فستعرف جميع المعلومات الضرورية لتحقيق حلمك. وإذا كنت تعمل بالفعل مصمما للأزياء، لكنك مهتم بالارتقاء بعملك إلى مرحلة أعلى، أو إذا كنت على استعداد لطرح مجموعتك الخاصة، فإنك ستحصل على المعلومات التي ستساعدك في تسهيل تحقيق أحلامك المهنية. إن أي شخص حاول بدء العمل في تصميم الأزياء يدرك مدى صعوبة هذه العملية؛ فصناعة الموضة مجال بارز للغاية؛ مما يخلق بالتأكيد بيئة تنافسية حذرة وسرية على نحو كبير، بحيث يصعب الدخول إليها واستكشافها. ومن بين فرص العمل المتنوعة المتوافرة في مجال صناعة الموضة، تعتبر وظيفة مصمم الأزياء أكثر الوظائف شهرة، مما يجعل المنافسة أكبر. ويولي هذا الكتاب اهتماما خاصا بهذا الأمر ويعرض عدة طرق يستطيع من خلالها مصمم الأزياء الطموح أن يتميز عن منافسيه.
يقدم الفصل الأول، بعنوان «مقدمة عن مجال تصميم الأزياء»، للقارئ نظرة عامة شاملة عن العمل في مجال تصميم الأزياء. يبدأ الفصل بتعريف المقصود بتصميم الأزياء وتحديد ما يفعله مصممو الأزياء. ثم يعرض حوارات حصرية مع مصممين ومسئولين تنفيذيين أسطوريين في مجال الأزياء، يناقشون فيها ما حصلوا عليه من تعليم، وتدريب، وكيفية ترقيهم في مسيرتهم المهنية، ويقدمون أيضا نصائح من واقع خبرتهم العملية. كما يناقش العديد من مصممي الأزياء، على كافة المستويات، المهام المختلفة التي يقومون بها يوميا. ثم يستعرض الفصل تاريخ تصميم الأزياء، متناولا على نحو مستفيض الأب المؤسس للموضة والأزياء، تشارلز فريدريك وورث، وازدهار بيوت الأزياء في باريس، وملقيا الضوء على مصممي الملابس الأوائل الذين وضعوا أساس صناعة الموضة. ثم يناقش الفصل حجم التغطية الإعلامية على مستوى العالم المتعلقة بمجال تصميم الأزياء ومدى تأثير ذلك. ثم يستعرض حجم صناعة الموضة على مستوى العالم، ويذكر إحصائيات عن عدد العاملين فيها - عالميا وفي الولايات المتحدة الأمريكية - بالإضافة إلى حجم المبيعات التي تحققها. ومن أهم الموضوعات التي يقدمها هذا الفصل عرضه لوصف مفصل لآليات العمل الداخلية لصناعة الموضة، بداية من طريقة عملها وصولا إلى كيفية التأقلم بنجاح مع ثقافة العمل بالشركات. ويقدم مصممون ومديرون تنفيذيون بارزون في هذا المجال من جميع أنحاء العالم نصائح قيمة موجهة خصوصا لمصمم الأزياء الطموح. ثم يعرض هذا الفصل قسما لن تجده في معظم كتب تصميم الأزياء، يتناول كيفية تحقيق التوازن الذي يؤدي إلى حياة خالية من الضغوط.
ناپیژندل شوی مخ