141

الحجاج من توزر من أكابرها ومن ذوي رئاستها فأكرموا من كان في الركب في ديارهم وما رأينا مثلها في البناء الرائق والوسع الذي يذهل العقول ومع ذلك اخرجوا موائد كل مائدة تكفي الجم الغفير والعدد الكثير كثر الله خيرهم ووجدت فيها أفاضل من العلماء والصلحاء وما رأيت أرق قلوبا وأسخى دمعة من أهل الجريد على أني تخلفت مع شيخ الركب في بعض نواحي توزر بان ادخله بعض الناس إلى بيته مع أصحابه وبقيت أنا في الزقاق انتظر (1) خروجه إذ لم يرني عند الدخول ولما بقيت وحدي وإذا برجل من القرية عزم علي وذهب بي إلى بيته بعد امتناعي خوفا من المكر ولما وصلت بيته فوجدته أحسن البيوت ووجدت زوجته من أحسن النساء دينا وحالا وصيانة يظهر عليها أثر الديانة فإذا تكلم أحدهما أصابته عبرة مع انسجام الدمعة وانهمارها فعلمت أنهم من أهل الصلاح وأهل الخير تفضل الله علي بهما وما رأيت مثلهما أصلا ثم قامت المرأة وجعلت لي خبزة ثم كسرتها في الحليب أعني لبن الغنم ووضعت عليه شيئا من الزبدة ثم أخذت في الأكل فما وجدت أحلى من ذلك الطعام ولا أذوق منه طعما كأنه من الجنة فلما كانت في أثناء الأكل وإذا بصاحب البيت قال لي كل هذا طعام بلدك فقلت من أي بلدة فقال من ميلة وخطر لي أنه أوتي له من الغيب ثم خرجت من بيته مذعورا بان الشيخ يتركني وحدي إذ لم يعلم بتخلفي فقال لي لا تخف فإن الشيخ لم يخرج من ذلك البيت فلما خرجنا ووصلنا إلى الزقاق وإذا بالشيخ خارج فقال لي على بركة الله وهو يبكي وكذا زوجته فإنها تبكي عند انفصالي من محلهم رضي الله عنهم ونفعنا بهم ووجدت في تلك الحجة العلامة الفاضل والفهامة الكامل سيدي عبد القادر الفاسي يقرأ في مسجد توزر في التفسير في قوله تعالى : ( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ) الآية وكان رضي الله تعالى عنه حافظا للروايات ناقلا مذاهب العلماء

مخ ۱۵۸