117

إلى قابس فخرج إليه أهلها وطلبوا منه الأمان وكانوا قبل ذلك يتحصنون ويتمنعون من كل من مر بهم وترك عامله عليهم وقاطعهم على مال معلوم واستطال طريق القيروان فمال إلى قصور قفصة فنزلها وأهدى إليه ملوكها وملوك قفصة وقسطيلية ونفزاوة وبعثوا إليه يستغيثون من الكاهنة فسره ذلك وبلغ الكاهنة قدومه فرحلت من جبل أوراس تريده في خلق عظيم فلما كان الليل دعت أبنيها وأخبرتهما أنها مقتولة وكأنها تنظر إلى رأسها يركض به فرسان إلى ناحية المشرق وكأنها ترى رأسها بين يدي ملك العرب الذي بعث بهذا الرجل فقال لها خالد فإذا كان هكذا فارحلي بنا وخلي لهم عن البلاد وأشار عليها أولادها بمثل ذلك فقالت كيف أفر وأنا ملكة والملوك لا تفر وأورث قومي عارا فقالوا لها إنما تخافين على قومك فقالت إذا أنا مت فلا أبقى الله منهم أحدا فقال لها أبناها وخالد فما نحن صانعون فقالت أما أنت يا خالد فستدرك ملكا عظيما عند الملك الأعظم وأما أولادي فسيدركون سلطانا عند هذا الرجل ويعقد لهم على البربر ثم أمرتهم أن يركبوا ويستأمنوا إليه فركبوا وتوجهوا إلى حسان فاعلمه خالد بقولها وأنها مقتولة وبوصول ولديها فأمر بحفظهما وأمر خالدا على أعنة الخيل ثم خرجت الكاهنة ناشرة شعرها تقول انظروا ما دهاكم انظروا لأنفسكم فإنها مقتولة والتحمت الحرب واشتد القتال واستحر القتل في الفريقين حتى ظن الناس أنه الفناء ثم انهزمت الكاهنة وتبعها حسان حتى قتلها وقطع رأسها عند بئر يعرف ببئر الكاهنة وولى حسان الأكبر من ولدي الكاهنة على جماعة من البربر ثم أن البربر استأمنوا إلى حسان فلم يقبل إلا أن يعطوا من قبائلهم اثني عشر ألفا يكونون مع العرب مجاهدين فأجابوا وأسلموا على يديه فعقد لكل واحد من ولدي الكاهنة على ستة آلاف وأخرجهم مع العرب يجاهدون في سبيل الله عز وجل بأفريقية ويقتلون الكفرة من الروم والبربر والنصارى (1) وانصرف حسان

مخ ۱۳۴