102

مراتب متعددة والله اعلم بحقيقة لك فان صح انه قال له فهو في الغالب لا يكذب إلا أن كلامهم يحتاج إلى تأويل ويبعد حمله على ظاهره وأن المراد مجرد الرؤية البصرية فان القواعد تأبى بقاءه على عمومه فانه يراه البر والفاجر والمصر على الكبائر والمفارق لها بل والجاهل الذي يتطرق إلى إيمانه الخلل لغلبة الجهل والآراء الفاسدة ولكثرتهم جدا يبعد موت جميعهم على التوبة النصوح الموجبة لغفران الذنوب كلها الموجبة للنجاة من النار إلا أن كلام أولياء الله لا ينبغي أن يرمى به جزافا فليحرص المرء جهده على لقائهم ورؤيتهم والتبرك بهم فعسى أن يصادف نفحة من نفحات الحق فيسعد بها دنيا وأخرى فإن لله عبادا إذا نظروا إلى أحد أغنوه ومع ذلك فلا يركن إلى ظواهر ما يجري على ألسنتهم كل الركون حتى يعتقد أن من رأى أحدهم ممن قال مثل ما تقدم قد أمن من النار فإن لكلامهم وجوها واحتمالات تدق على إفهام أكثر الخلق ممن لم يسكت طريقهم قال وأقرب ما يحمل عليه كلام المتقدم أن تحمل الرؤية على القلبية والمرأى على صورته الباطنة التي توجب العلم بما هو عليه من سني الأحوال وسمي الأوصاف ورفيع المقامات ولا شك أن من منح شهود ذلك وأشرف عليه فله نصيب وافر من التخلق بأخلاق الأولياء والورود من موارد الأصفياء وحينئذ يكون جديرا بأن لا تمسه النار وهذا من معنى ما اشتهر عن قطب الزمان مولاي عبد القادر الجيلاني أنه قال أخذت العهد من ربي أن لا يدخل أحد من أتباعي النار إلى يوم القيامة فيحمل على من اتبع طريقه لا على مجرد الانتساب باللسان قال ولو صح حمل الكلام المتقدم على ظاهره وعمومه لكان أولى بذلك الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وكثير من رآهم رؤية بصرية لم يوفق للاهتداء بهديهم فحرم بركة رؤيتهم وكل مقام ناله ولي من أولياء الله فهو ميراث اتباعه لنبيه صلى الله عليه وسلم وما كان ميراثا لا يصح أن يكون شيئا لم يكن لموروثه بل يستحيل عند أرباب القلوب أن ينال ولي ولو ذرة من مقام أو حال لم تكن بكمالها

مخ ۱۱۹