200

سفرنامه ابن بطوطه

رحلة ابن بطوطة

خپرندوی

دار الشرق العربي

القصب كما تصنع لدوالي العنب أو يغرس في مجاورة النارجيل فيصعد فيها كما تصعد الدوالي وكما يصعد الفلفل ولا ثمر للتنبول وإنما المقصود منه ورقه وهو يشبه ورق العليق وأطيبه الأصفر وتجنى أوراقه في كل يوم وأهل الهند يعظمون التنبول تعظيمًا شديدًا وإذا أتى الرجل دار صاحبه فأعطاه خمس ورقات منه فكأنما أعطاه الدنيا وما فيها ولا سيما أن كان أمير ًا وكبيرًا. وإعطاؤه عندهم أعظم شأنًا وأدل على الكرامة من إعطاء الفضة والذهب. وكيفية استعماله أن يؤخذ قبله الفوفل وهو شبه جوز الطيب فيكسر حتى يصير أطرافًا صغارًا ويجعله الإنسان في فمه ويعلكه ثم يأخذ ورق التنبول فيجعل عليها شيئًا من النورة ويمضغها مع الفوفل وخاصيته أنه يطيب النكهة ويذهب بروائح الفم ويهضم الطعام ويقطع ضرر شرب الماء على الريق ويفرح آكله ويعين على الجماع. ويجعله الإنسان عند رأسه ليلًا فإذا استيقظ من نومه أو أيقظته زوجته أو جاريته أخذ منه فيذهب بما في فمه من رائحة كريهة. ولقد ذكر لي أن جواري السلطان والأمراء ببلاد الهند لا يأكلن غيره، وسنذكره عند ذكر بلاد الهند.
خبر شجر النارجيل:
وهو جوز الهند وهذا الشجر أغرب الأشجار شأنًا وأعجبها أمرًا وشجره شبه شجر النخل لا فرق بينهما إلا أن هذه تثمر جوزًا وتلك تثمر تمرًا وجوزها يشبه رأس ابن آدم لأن فيها شبه العينين والفم وداخلها شبه الدماغ إذا كانت خضراء وعليها ليف شبه الشعر وهم يصنعون به حبالا يخيطون به المراكب عوضا عن مسأمير الحديد، ويصنعون منه الحبال للمركب. والجوزة منها وخصوصا التي بجزائر ذيبة المهل تكون بمقدار رأس الآدمي. ويزعمون أن حكيمًا من حكماء الهند في غابر الزمان كان متصلًا بملك من الملوك ومعظمًا لديه وكان للملك وزير بينه وبين هذا الحكيم معاداة فقال الحكيم للملك: أن رأس هذا الوزير إذا قطع ودفن تخرج منه نخلة تثمر بثمر عظيم يعود نفعه على أهل الهند وسواهم من أهل الدنيا. فقال له الملك. فإن لم تظهر من رأس الوزير ما ذكرته قال أن لم يظهر فاصنع برأسي كما صنعت برأسه. فأمر الملك برأس الوزير فقطع. وأخذه الحكيم وغرس نواة تمر في

1 / 202