ولما وقع السؤال في هذا عرض لي سؤال في قوله تعالى في هذه الآية : ( فإن لم يكونا رجلين ) (1) وهو أن الضمير في : «يكونا» للرجلين لأن الشهيدين قيدا بأنهما من الرجال ، فكأن الكلام : فإن لم يكن الرجلان رجلين وهذا محال. ولما سألت عن هذا لم يجب عنه أحد ، ثم أجابوا بعد ذلك بأجوبة غير مرضية ، منها ما قال الفارسي (2) في قوله تعالى : ( فإن كانتا اثنتين ) (3) أن الخبر هنا أفاد العدد المجرد من الصفة ، وهذا ضعيف ؛ إذ وضع فيه لفظ الرجلين موضع لفظ الاثنين ، وهو تجوز بعيد.
والصفة التي ذكر الفارسي التجرد منها هي الرجولية أو الأنوثية أو غيرهما من الصفات ، فكيف يكون لفظ موضوع لصفتها دالا على نفيها؟ وأيضا فإن جواب الفارسي فيه نظر ، وذلك أنه لم يزد على أن جعل نفس السؤال جوابا ، كأنه قيل له : لم ذكر العدد وهو متضمن الضمير فقال : لأنه يفيد العدد المجرد فلم يزد إلا لفظ التجرد.
ومما أجابوا به أن «رجلين» منصوب على الحال المبينة ، و «كان» تامة وهذا أظرف من الأول فإنه سئل عن وجه النظم ، وأسلوب البلاغة ، ونفي ما لا يليق بها من الحشو ، فأجاب بالإعراب ، ولم يجب عن السؤال بشيء ،
مخ ۱۵۵